رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

زلزال الطفرة والقفز في الظلام !؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

حين نقرر أن دول الخليج العربية تتميز بأوضاع خاصة، فإننا لا نرمي من ذلك سوى إلى تأكيد حقيقة موضوعية لا قيمة خاصة لها في سياق الأحكام القيمية، أي أن هذه الحقيقة لا تثبت أي قيمة استثنائية خصوصا في مجتمعات هذه الدول. إلا أنه بسبب ظروف تاريخية وطبيعية معروفة، أصبحت هذه الدول مناطق جذب للعمالة التي تدفقت نحوها من كل حدب وصوب، منذ أوائل السبعينيات من القرن الميلادي الفائت، وترافق هذا الطوفان مع خطط تنموية طموحة وضعت للحاق بركب التنمية والتحديث العالمي. زلزال الطفرة ********** مع المشاريع الاقتصادية والاجتماعية المدروسة بعناية، ومع الخطط العالمية لهذه الطفرة، فإن ما حدث في هذه المجتمعات، كان أشبه ما يكون بقفزة في الظلام. فمثلما لـ(الطفرة) على المستوى البيولوجي مشاكلها التي يعرفها تماما علماء الأحياء، فإن لها مشاكلها الجمة أيضا على مستوى المجتمعات.ولانملك إلا أن نتوقع قائمة لا تكاد تنتهي من (الآثار) على مجتمع بسيط، سواء في عدد أفراده، أو الرقعة الجغرافية التي يشغلها، أو مدخلاته الإنتاجية، ووسائل الإنتاج، ومستوى الدخل والمعيشة، والعلاقات الإنتاجية، والبنية المجتمعية، حين يتغير كل ذلك، وفى زمن قياسي في قصره ليجد بين يديه مداخيل إنتاجية ضخمة، تحتاج إلى جيوش لاحصر لها كما ونوعا من العمالة التي تحتاج إليها العمليات والمشاريع العملاقة. فتتمدد المساحات المأهولة بالسكان أفقيا، وتنشأ علاقات إنتاج أكثر تعقيدا وتنوعا، وترتفع فيه مستويات الدخل والمعيشة. لينعكس كل ذلك في بنياته المجتمعية التي أخذت تترتب أوضاعها على نحو جديد، وهذا أخطر ما في عملية التحديث الطفروي.لأن تحديث نظم الحياة اليومية، إضافة إلى (التفاعل) اليومي بين المكونات والثقافات الوافدة الملاصقة لثقافة المجتمع التقليدية، لا شك، سيحدث هزات في جسد الثقافة ونظام القيم المحلية، تحل أثناءها أجزاء من الثقافات والقيم الوافدة في نسيج الثقافة والقيم المحلية، وينتج عن ذلك كائن ثقافي هجين، يطبع بسماته وملامحه كلا من المحلي والوطني والوافد.

arrow up