رئيس التحرير : مشعل العريفي
 خالد السيف
خالد السيف

المُهمّشون في الأرض

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

إن الانعتاق من «التّهميش» هو إلقاءٌ بالنفس إلى التهلكة ذلك أنّ «الصدق» موتٌ فيما «الحياةُ» هي التزييف! حتى لا تكون «مُهمّشاً» اكذب ثم اكذب ثم اكذب حينها لن تُحشر في زمرة «المهمّشين» وَفق شهاداتٍ أدلى بها «الكذّابون» بكلّ صدق.!.. أنتَ واحدٌ منهم! صحيحٌ أنّ «التهميش» لم يكن (جيناً) وقدراً مقدورا غير أنّ آباءك مِن قبلُ قد كانوا «مُهمّشين» فما كان للولد «الطائع» الذي هو»أنتَ» إلا الانصياع – طوعاً وكَرهاً – لقدره فأبى – تالياً – أن يتِمَّ حشْرهُ في زمرةِ «العاقين» فلم يكن بُدّاً – هذه المرة – إلا أن يكون «مُهمّشاً» وبامتيازٍ عسى أن يكون «بَرّاً تقيّاً» وينأى بنفسه عن أن يكون جبّاراً شقيا، فالأظهر إذن أنّ «التّهميش» حالةٌ تتصالحُ فيها «النفسُ» مع «الخنوع» ما ينشأ عنها قابليةٌ تامّة لـ»المذّلة» التي من شأنها أن تجعل من «المُهمّش» وبنحوٍ دائم ٍشخصيةً مرذولةً لا تنفكّ عن أن تكون على أهبةِ الاستعداد للحطّ من قدرها! إذ يتهيأ صاحبُها – نفسياً/ واجتماعياً – على عدم الاكتراث به بالمرّة وذلك أنّ مَن لا يؤبه له – عادةً – فليس بصالحٍ إلى أن يكون مقعده في الصفوف الأمامية ولكأنه قد خُلِق ليكون في «الظل» أو في «الخلف» حتى يكون حرضاً أو من الهالكين. كشف «المهمّشُ» أسرارَه قائلاً: إنّي أنا الذي رضيتُ بأن أكون مع الخوالف «مهمّشاً» ولن أبرح «مُستنقَعَهُ» حتى يأذن لي «سيدي»! أو يَحكُم لي بـ «المؤبد» بالبقاء في «المستنقع» فما عُدت في حساباتهم غير «باعوظةٍ» فما فوقها ومتى ما شاءوا بكعب أقدامهم لن يألوا جهداً بسحقي! وأضاف المُهمّش: إن الانعتاق من «التّهميش» هو إلقاءٌ بالنفس إلى التهلكة ذلك أنّ «الصدق» موتٌ فيما «الحياةُ» هي التزييف! حتى لا تكون «مُهمّشاً» اكذب ثم اكذب ثم اكذب حينها لن تُحشر في زمرة «المهمّشين» وَفق شهاداتٍ أدلى بها «الكذّابون» بكلّ صدق.! أنتَ لستَ «متناً» وكفى بك مُهمّشاً.. ولئن كنتم كلكم «متوناً» فأين هي إذن تلك المساحة الممتدة من «الهامش» الذي يستحيلُ «وطناً» قد كان من شأنه أن يستوعب كلَّ ما يصدر عن «الموسرين» من شخبطاتٍ لا يُمكنها أن تجلبَ منفعةً ولا أن تدفع مضرّةً؟! فما باله يضيق على «المهمّش» وهو بكلّ هذا الاتساع!؟ إنّ الارتزاق بـ «الذّمةِ» ثم لا يلبث صاحبُه أن يجترح الانبطاح على «العتباتِ» طويلاً لن يجعلَ منه شيئاً مذكورا وإنما سيُعيدهُ ثانيةً إلى ضيق عبودية «التّهميش» كمثلِ كلب الطاعة إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث «ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ». إنّ «المُهمّشَ» كائنٌ مائع قد أخلدَ إلى الأرضِ طواعيةً إذ ليسَ من شأنهِ أن يجلس على «كرسيٍّ» ذلك أنّ الكراسيَ ما صُنعت له ولطالما خذلتهُ قدماه فعذّبه عجزُهُ ولا تسأل إذ ذاكَ عن ظهرٍ قد قصمه الفقرُ ولا عن نفسٍ أمّارةٍ بالخيبات وقد طوّحت به بعيداً فأوردته المهالك.. ولئن رغبتَ أن تعرفَ شيئاً عن يديه فقد تبّت يداه ما أغنى عنه ما احتلب سيصلى نار «الإزراء» ذات العتب وامرأته تأوي إلى بيت الظُّلمة وتُولولُ: سُحقاً لـ«….» لا تُطعم أفواه الجوعى.. سُحقاً لـ:«..»تقتل في الطفلِ براءته.. سُحقاً لـ «السُحقِ» يوماً لم يسحق إلا «المسحوقين» فسُحقاً له ولمن تواطأ معه على أي نحوٍ كان..! نقمةُ «المهمّشين» لعنةٌ ذات جناحين هما القهرُ والاستبداد فكان من شأنها أنّ تُحلّق بهذين الجناحين عالياً وليس بخافٍ أنّ الغلبةَ/ والتمكين يظفرُ بهما مَن كان يمتلكُ غطاءً جويّاً ليقذف حِمَمه: فقراً ذلّةً طبقيّةً وما اجتمعت هذه الثلاثة إلا أورثت حياةً ليس لها من معنى إلا حيث تكون المعاني الثاوية في «العالم السُّفلي» وحيثما هزّ المهمّشون جذعه تسّاقط عليهم رُطب الشقاء وتُميراتٍ يُقمن صلب قسوتَه وَفقَ دوائر الحزن التي تنداح فلا تلبث أن تتسع شيئاً فشيئاً لتمتزج داخلها القسوة بالألم والشجن بالمرض والفقر!!.. أشكُّ في مثل هذه الحالةِ أن يبقى لـ«المهمّشِ» رمق يُمكن أن يسدُّ بها جوعتَه حتى لو استعان بالصّبرِ ليكمل حرثَ يوم أو بعض يوم!! أو يُعقل أنّ «المهمّشين» ينتمون إلينا ولا ننتمي إليهم؟ لن نظفر بإجابةٍ مُسدّدةٍ ما لم نَتبيّن أولاً: مَن يصنع «المهمّش» ومن أيّ رحمٍ قد خرجَ هذا المسخ ومَن هي القابلة التي تُسأل عن توقيتِ: خروجه» على هذا النحو الخداج/ البائس؟! ومَن ذا الذي يتربّص الدوائرَ بـ«المهمّش» حتى يتمّ نبذُهُ بالعراء؟! ويُغنيك عن بذل الوسعِ في البحثِ من معنى احتقارِ «المهمّشِ» لفظُه الذي ما فتئ يَشي بكل ما في القهر من معنى.! ذلك ومن زُحزح عن «التهميش» وأُدخل «المتن» فقد فاز! غير أنّ دون ذلك خرطُ القتاد. قالَ «مُهمّشٌ بن هامشِ المهماشي»: يا موقد النارِ بالزنادِ وطالبَ الجمرَ في الرّمادِ دعْ عنك شكّاً وخذ يقيناً واقتبسِ النارَ من فؤادي حتى تتمكّن من الوعي بشأن المهمّشين يمكن أن تقرأ بعمقٍ/ وبمتعةٍ لا تُضاهى أعمال ديستويفسكي، وغوركي، وتشيكوف، وهيمنجواي، ومورافيا، وكامي، وهنري ميللر، حيث كان احتفاؤها بـ«المهمّشين»ردّ اعتبارٍ لـ«حقوقهم» وانحيازاً لهم في مقابل «السياسي» الذي لم يحفل بهم بالمطلق!! وليس يصحّ في مثل هذا السياق الكتابي تجاوز قراءة ما يلي: روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، قَالَ (رُبَّ أَشْعَثَ، مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ). فقد روى الترمذي من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبرّه، منهم البراء بن مالك. قال الترمذي: هذا حديث صحيح حسن”. نقلا عن الشرق

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up