رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

العقلية الشكلية المظهرية حين تنعكس سلوكاً !؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لو سألتني ماهي آفتنا وأين مكمن الداء عندنا لقلت بلا تردد : أنها هذه الشكلية والمظهرية التي تتبدى فكراً وتنعكس سلوكاً . إذ يستطيع كل ذي عينين ان يرى ذلك واضحاً لا يحتاج رصده إلى كثير تفكير او طويل تأمل وتعمق .والشكلية ليس لها وجه واحد ، وإنما تلبس ألف قناع . فهي تعبر عن ثقافة ، هي الثقافة المظهرية الشكلية .لذا فهي لاتكتفي بالتجلي والتمظهر في مجال دون آخر . وإنما تمتد آثارها في كل الاتجاهات وتشمل كل المجالات .في الاقتصاد والاجتماع و السلوك ، في العادات والعلاقات الاجتماعية ، كما في التربية والتعليم فهي التي تحدد نوع ومستوى الفكر ، مثلما تحدد أنماط ودرجات الانفعال والسلوك وتتدخل الثقافة أو العقلية الشكلية والمظهرية حتى في فهم النظم والقوانين والتعامل معها ، وطرق استخدامها وتوظيفها ، وبل وكيفية إدارة المؤسسات صغرت أم كبرت . وتستطيع أن ترصد سطوة هذه العقلية الشكلانية أو المظهرية في اصغر تجلياتها ، حينما يزمع أحدهم شراء سيارة مثلاً . فتلاحظ أنه لا يسأل عن خواصها الميكانيكية ، ولا يتفحص ماكينتها ، ولا يلقى بالاً لنوعية خام جسمها وكم عمره الافتراضي ، انه لايهتم بما هو جوهري في السيارة حتى يتأكد من مدى صلاحيتها الحقيقية ، مثل كم تستهلك من الوقود والزيوت اي تكلفة التشغيل وما إلى ذلك . أنه يتجه مباشرة عوضاً عن ذلك إلى " جس " أطرافها الخارجية الظاهرة من إكسسوارات جمالية خارجية ، ومثل الأطفال يتحسسها بفضول وفرح طفولي وكأنها لعبة يبحث عن ماهو مشوق و " جميل " فيها . بل أن الصورة كثيراً ما كانت تبدو لي كما لو أنه مشترٍ في سوق للأغنام يتحسها ظاهرياً وخارجياً ، بغرض الشراء ، انه يكتفي بمجرد هذا الجس والتلمس الظاهري الخارجي ، في حين أن الأمر يرتبط بمركبة تسير في الطرقات ولاكثــــــر مـن ( كذا عام ) ، وقد يؤدي أي تهاون ، أو أي خفة في فحصها إلى هلاكك ومن معك · حســــــنا . إن دائرة الآثار السلبية لمثل هذا الفهم للأمور تبدو ابلغ ضرراً حين تمتد الى سياستنا التربوية . فكثيرون منا يعتقدون أن غاية مهامهم في تربية عيالهم تنتهي بتأمين الاحتياجات والكماليات الضرورية ، بل والترفيهية غير الضرورية لمن يعولون . شيء ما من الجهل والغفلة يجعلهم يشعرون بالرضا عن أنفسم ، وبأنهم قاموا بدورهم كاملاً ، حين يوفرون للزوجة كل ما ترغب فيه من ذهب وحلي وملابس وسيارة وجيش من الخدم والحشم والسائقين ، وكل مايرغب فيه الأولاد والبنات من ملابس ، وسيولة تتدفق بين أيديهم بغير حساب ، وسيارات –حتى لمن لم يبلغ نصاب الرشد -وأجهزة اتصالات ومعلومات ، دون تسليحهم بالوعي اللازم لكيفية التعامل مع هذه الأشياء الخطرة . وما هي النتيجة في النهاية ؟ لا احد يسأل نفسه مثل هذا السؤال . . فقد فعل ماعليه ..أو هكذا يظن نفسه . ليتفاجأ بعد قليل بأنه ارتكب اكبر جريمة في حق من يحبهم . لقد جنى عليهم نتيجة هذا الفهم الغبي المهلك وهو يظن بأنه كان يقدم لهم خير مايمكن أن يقدمه . وبالطبع تستطيع أن تتصاعد مع هذا العقل إلى أبعد من ذلك ، أي إلى ماهو عام ، حين ترى كيف تتم شخصنة السلطة الإدارية ، والتي هي ممنوحة " كصلاحيات للمنصب الوظيفي وليس له هو شخصياً ، فتجده يحول المؤسسة التي يديرها الى أملاكه الشخصية ، ليوظفها وفق هواه الشخصي ، ويقوم بتعطيل النظم والقوانين ليفّعل في المقابل أهواؤه وميوله الشخصية ، والمعيار الذي يعتمده في ذلك هو مزاجه الخاص . نتيجة لهذا المنهج الشخصي تختل الموازين ، ليصعد من لا يستحق درجاتاً عليا ، ويهبط من يستحق وفق معيار الكفاءة إلى الدرك الأسفل ، فتضيع حقوق العباد ويستشرى الظلم ويغيب ميزان العدل تماماً . فتصبح الوظيفة التي هي بالأساس مسؤولية وتكاليف ، وجاهة اجتماعية وعنواناً على البرستيدج الاجتماعي " وتؤول إلى مناصب شرفية لاتقدم ، بقدر ماتؤخر ، عمل المؤسسة وتعطيل آلياتها .

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up