رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

البعد المعرفي لمكافحة " آفة " المخدرات

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

تكفي نظرة عاجلة لإنجازات " المديرية العامة لمكافحة المخدرات السعودية"...في مكافحة المخدرات في المملكة العربية السعودية " في ضبط كميات لا تصدق من مختلف أنواع المخدرات في المملكة التي، ولعدة اعتبارات منها مساحتها الشاسعة وحدودها العديدة، جعل منها تجار المخدرات سوقا رائجة لسمومهم. وقد استطاع هذا الجهاز أن يلعب دورا كبيرا وعظيما في الحد من هذه الظاهرة التي أعيت دولا عظمى تتمتع أجهزتها الأمنية بإمكانيات هائلة. إلا أن هناك جانبا لا أدري كيف نتغافل عنه كلما عرض الحديث لظاهرة انتشار وتهريب وترويج المخدرات عندنا، مثلما نتغافل عنه حينما نتحدث عن أي ظاهرة أمنية أخرى كالإرهاب أو الانتحار أو غيرهما من الظواهر السلبية التي تتقاطع مع وظيفة أجهزتنا الأمنية، ألا وهو الجانب المعرفي في عمل هذه الأجهزة، إذ إن القناعة المستقرة في أذهاننا عن وظيفتها وحصرها في مجرد القيام برصد مصادر الفعل الإجرامي وتتبعها، لتنتهي بالقبض عليهم، فيه تبسيط شديد لوظيفتها التي هي في الواقع أكبر من ذلك بكثير، لأن هذه الأجهزة، وبما يتوفر لديها من إمكانيات للرصد والمتابعة تعتبر (مخزنا) هائلا لكم من المعلومات اللوجستية. فهي تتعامل مباشرة مع هذه المنابع والمصادر..وهذا يضع بين يديها ذخيرة معرفية، يمكن أن تستفيد منها الجهات الأخرى المهتمة بدراسة هذه الظاهرات وتسعى إلى تحليلها والغوص في أسبابها العميقة، ووضع الحلول والعلاجات الاستباقية الجذرية لها، بقصد استئصالها من جذورها. وبالطبع فإن أجهزة وزارة الداخلية المختلفة، سواء كانت في جهاز مكافحة المخدرات أو غيره من الأجهزة تقوم بجانب من هذا الجهد المعرفي المهم، إلا أننا نتوقع منه ـ بالطبع ـ ما هو أكثر من الجهد الذي يقوم به، ويبدو أن هذا الطموح ليس حلما، أو هو طموح في الهواء، لأننا إذا وضعنا في حساباتنا وجود مؤسسة علمية ذات صلة مباشرة بهذا الحقل، هي جامعة نايف للعلوم الأمنية، فإن هذا الحلم لا يصبح شيئا «ممكن» التحقيق، بل وأكثر وأبعد من ذلك يصبح أمرا «واجب» التحقيق. وهذا فيما أرى يتيح لهذا الجهاز أن يلعب دورا أكبر في مكافحة هذه الآفة التي تفتك بكيان الأسر وتوهن تماسكها وتتسبب في العديد من الجرائم البشعة، سواء كان بالشراكة والتنسيق بينه ومؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع الأهلي، أو من خلال تعاونه مع جامعة نايف الأمنية، أو ثالثا يقوم به منفردا. وثمة العديد من المبادرات والبرامج التي يستطيع جهاز مكافحة المخدرات القيام بها تفعيلا لدوره المعرفي مستفيدا من كم المعلومات الهائل الذي يتوافر لديه. وهذا أمر يحتاج إلى التفصيل الذي ربما لا يسعه المجال هنا، على أمل أن يتاح لنا ذلك في مناسبة وفرصة أخرى.

arrow up