رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

ضرورة فتح النوافذ والأبواب

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

إذا كانت المعالجة الأمنية العاجلة والحاسمة والصارمة هي الخطوة الأولي التي تحتل رأس الأولويات في محاربة ظاهرة الإرهاب التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء، فذلك لا يكفي في إطار السعي للعلاج الجذري لهذه المشكلة، والذي يمكن أن يستأصلها من جذورها، إذن نحن بحاجة للعمل علي الجبهة الفكرية والإعلامية. وحين نسأل أنفسنا : كيف أتيح لهذه الشريحة المارقة أن تلحق بنا هذا الدمار، وكيف إستطاعت أن تهز إستقرارنا بهذا الشكل ؟. لعرفنا الإجابة، بأننا قد أخلينا الساحة تماماً للوعاظ، وأن بعضهم – وأريد أن أشدد علي (بعضهم) هذه، لم يكن في مستوي الثقة، وأن أطماعه وأهواء نفسه الأمارة بالسوء تقاصرت به عن مستوي المسؤولية التي ندب نفسه لها، لذا وظف ما خصصناه من مال، ومن إمكانيات لتوطيد سلطته ونفوذه، وإنه استغل العاطفة الدينية عند بعض شبابنا كرصيد قوة يوجهها في خدمة أغراضه الشخصية المريضة. إلا أن الكارثة الأكبر تمثلت في أننا قمنا – بحسن نيّة – بتغييب كل صاحب رأي وخبرة وعلم عدا هذه الفئة عن الساحة تماماً ، وقد أسهموا هم بشكل أساسي في عملية الإقصاء والتغييب هذه لكل الشرائح المتعلمة والمثقفة التي تحمل وجهة نظر أخري بتوزيع صكوكهم مثلما كان يحدث في أوروبا تماماً حين إحتكرت الكنيسة ورجال الدين العلم والمعرفة، وأخذت تفتي بتكفير كل من يطرح شيئاً لا يتفق مع رؤيتها، حتى أنها أحرقت العلماء الذين كانوا يقولون أن الأرض كروية، علماً بأن هذا شأن لا علاقة لهم به من قريب أو بعيد، ولكنها الرغبة في إحتكار المعرفة وسلطتها التي دفعتهم إلي ذلك . وقد مررنا نحن بشئ مثل هذا، إلا أنهم وبفضل الله، وبفضل وعي أولياء الأمر في هذا البلد، وقبل هذا فضل القرآن الذي لم يترك لهم هامشاً لمثل هذا التأويل الغبى، لم يصلوا إلي حد إحراق أحد. علي أنني أود أن أؤكد شيئاً مهماً، وهو، أننا لا نتحدث هنا عن رجال الدين بشكل مطلق، وإنما نتحدث عن شريحة الخوارج الذين قادتهم أطماعهم السياسية والإجتماعية علي الخروج عن إجماع الأمة، وزكوا أنفسهم عند الله، وإحتكروا لأنفسهم تأويل كلام الله، وإستأثروا بحق تكفير المؤمنين، وتوزيع صكوك الغفران، وحق العقاب ولو بقتل النفس بغير الحق، متجاوزين حق ولاة الأمر في هذا الشأن، والذي نص عليه القرآن والسنة النبوية المطهرة وإجماع علماء الأمة. وإلا فمن البداهة أن هناك الأطهار من العلماء والدعاة، وهم وإن كانوا الأغلبية التي تعكس الوجه الحقيقي للإسلام بوسطيته الخالدة وسماحته المتوازنة، إلا أن خروج هذه الفئة الضالة المضلة من دعاة الفتنة من بين هذه الشريحة العريضة من أطهار علمائنا، تجعلنا أكثر حرصاً علي ضرورة إجراء عملية (غربلة) وسط هذه الشريحة العريضة، لعزل من يحملون جرثومة الفتنة ، ويفرزون سموم التطرف في عقول شبابنا. وهذه مهمة أخري، غير الهدف الإستراتيجي الذي نهدف إليه من كتابة هذا المقال، والذي يتمثل في ضرورة فتح النوافذ والأبواب أمام الشرائح المثقفة الأخري من علماء ومفكري هذه الأمة إنفاذاً لمبدأ العدالة والمساواة في إعطاء الفرص ، وإغلاقاً للنافذة التي يمكن أن تدخل منها رياح التطرف والفتنة إلي هذه الدار العامرة الأمنة المستقرة.

arrow up