رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

مأسسة " العمل التطوعي " ليكون أكثر فاعلية

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

دفعا لسوء الفهم دعني أوضح التالي: إنني أبعد ما أكون عن التشاؤم، بل على العكس، قد أكون مفرطا في التفاؤل، لأنني أرى بوضوح ما تتمتع به المملكة الغالية من إمكانيات تؤهلها لأن تكون دولة عظمى، حيث قيض الله لها قيادة رشيدة، ووفقها لأن تستند في نظمها على هدي الشريعة الإسلامية الغراء، وأنعم عليها بالموارد الاقتصادية، وقبل هذا وبعده أكرمها بأن جعلها مستودعا لبيته الحرام وقبر نبيه عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم. لذا فإن رصدي لأوجه القصور وتعرضي لها بالنقد إنما يأتي انطلاقا من هذه القاعدة، دافعه الحرص، إن لم نقل الكمال، فإنه الإتقان والإخلاص، لأنني أتصور أو أفترض أن كل مواطن ومسؤول يجب أن يكون هذا هو هدفه، أن نبلغ بهذا الوطن أعلى وأرقى مراتبه وأن نبلغ به ومعه سامقات القمم بين الدول والشعوب، فقد هيأ لنا الله كل ما من شأنه أن يجعلنا نحقق ذلك، وبذلت وتبذل قيادتنا الرشيدة في سبيل تحقيقه كل ما يجعله ممكنا بسخاء. وعلى ذلك فإن هناك في هذا الوطن من يفكر ويعمل متسلحا بهذه الروح المتطلعة للأحسن والمشرئبة إلى الأفضل بتجرد و نكران ذات لا ينتظرون ثوابا من أحد، ويقدمون مبادراتهم خالصة لوجه الله ثم المجتمع، وواحدة من هذه الشموس التي سطعت في أرض المملكة ذلك التجمع الشبابي السعودي الخالص الذي طرح على الناس مبادرة (لبيه).. فكرة المبادرة كما اطلعت عليها في موقعهم، إذ لم يتح لي شرف التعرف عليهم بعد، تقوم على نشر ثقافة التطوع في مجتمعنا، طالما التطوع كممارسة اجتماعية هو في الأساس متجذر في نسيج قيمنا الاجتماعية وأعرافنا التقليدية وكل ما يحتاجه الآن هو أن نمأسسه كفعالية عملية ومعرفية، إذ لاحظ أولئك الشباب أن المبادرات التطوعية الأهلية إبان كارثة السيول والأمطار التي اجتاحت مدينة جدة وراح ضحيتها أكثر من مائة شخص والسواعد التي امتدت في شكل مبادرات فردية كان دافعها دينيا وإنسانيا محض قد سبقت بمراحل ردة فعل الأجهزة الرسمية لحظة الحدث، حيث تدافع الأهالي بمختلف أعمارهم وشرائحهم الاجتماعية لإغاثة المتضررين من الكارثة، بل وشارك في هذا النداء الذي كان تلقائيا وعفويا حتى الأطفال. ولا يمكنك إلا أن تتفق معي بأن هذا رصيد إنساني كان يحتاج فقط إلى التنظيم، وإن الوقت قد حان الآن لتقنين ومأسسة هذا المنشط الاجتماعي ليكون أكثر فاعلية، ولسبب واضح أجدني متفقا مع رؤيتهم هذه، ذلك أننا بهذا سنستثمر طاقات الإنسان السعودي ونوظفها بشكل أكثر فاعلية. وطالما نحن نتحدث عن محاربة الإرهاب فإن واحدة من الحلول التي ظللت ألح عليها هي كيفية توظيف الطاقات الشبابية لهؤلاء الشباب، فإذا ما لاحت في الأفق بادرة لتفريغ هذه الطاقات وتوظيفها لخير المجتمع وبنائه وتنميته فإننا يجب أن ندعمها لأنها في النهاية تصب في مجرى الاستراتيجية العليا للدولة، وأزعم، جازما، بأن هذا سيساعد أجهزة الدولة التنفيذية ولاينقص من دورها إطلاقا طالما هذه الأجهزة تسعى لأن ترتقي بالوطن في كافة مناحيه، وهي، أي هذه الأجهزة والمؤسسات تدرك بأن عملية الإصلاح، وبأن المشروع النهضوي الوطني فرض عين على مؤسسات المجتمع المدني مثلما هو فرض عين على المؤسسات الحكومية، فالأوطان لا تنهض بمهمة تطوره، بل ولا يمكن تسند مهمة أمنه على الأجهزة والمؤسسات الحكومية وحدها، وإنما ينبغي أن تشارك في هذه المهمة كل شرائح وأفراد وأبناء وبنات هذا المجتمع.

arrow up