رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

ما زال قلبي سليماً

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

قيل إن المنصور بن أبي عامر الأندلسي كان إذا قصد عدواً عقد لواءه بجامع قرطبة٬ ولم يسر إلى الغزاة إلا من الجامع٬ فاتفق أنه في بعض حركاته للغزاة توجه إلى الجامع لعقد اللواء٬ فاجتمع عنده القضاة والعلماء وأرباب الدولة٬ فرفع حامل اللواء٬ اللواَء فضرب ثريا من ثريات الجامع فانكسرت على اللواء فتبدد الزيت٬ فتطير الحاضرون من ذلك وتغير وجه المنصور٬ وقال رجل: (أبشر يا أمير المؤمنين بغزوة هينة لينة وغنيمة سارة٬ فقد بلغت أعلامك الثريا وسقاها الله من شجرة مباركة زيتونة)٬ فاستحسن المنصور ذلك واستبشر به وصدقه٬ وأعلن من مكانه الحرب٬ وهزم في غزوته تلك هزيمة فادحة أودت بنصف جنوده.
***
صدق من قال: إن الحياة هي التي نشقى في نصفها الأول بسبب آبائنا٬ ونشقى بنصفها الباقي بسبب أبنائنا. وكذلك (أحياناً) نسعد٬ هكذا هم يقولون. أرجوكم اتركوني أنا على جنب فلست بمقياس.
***
حدثني أحدهم وكان لتوه واصلاً من اليابان وقال: إذا كنت تتقن فن (الحشر)٬ فيمكنك أن تعتبر أن فصل الشتاء هو أنسب فترة لزيارة اليابان٬ حيث تتولى إحدى شركات السكك الحديدية للنقل في طوكيو استئجار 80 موظفاً أوسع في القطار٬ وتضطر الشركة إلى زيادة حشر الركاب.
في فصل الشتاء (لحشو) قطاراتها بالمسافرين٬ وذلك لأن ثياب المسافرين الشتوية الكثيفة تشغل مكاناً إضافياً فقلت له: إنني لا أتقن فن الحشر لا شتاء ولا صيفاً٬ فيكفيني حشري لنفسي على الفاضي والمليان٬ اغرب عن وجهي ثكلتك أمك.
***
أعجبتني هذه النصيحة أو هذه الكلمة التي وردت على لسان (علي بن الجهم) عندما قال: من وهب المال في عمله فهو أحمق٬ ومن وهبه بعد العزل فهو مجنون٬ ومن وهبه من جوائز سلطانه أو ميراث لم يتعب فيه فهو مخذول٬ ومن وهبه من كسبه وما استفاده بحيلة فهو المطبوع على قلبه – انتهى.
وقد كتبت هذه الكلمات فيما بعد بماء الذهب٬ وعلقتها أمامي على حائط مكتبي٬ أقرأها كلما هممت بإدخال يدي في جيبي٬ والحمد لله أن قلبي ما زال سليماً٬ ولم ينطبع عليه في أي يوم من الأيام.
***
لا أظن أن هناك أبيات شعر تنطبق على شخصي الضعيف أكثر من هذه الأبيات الثلاثة: إلى الحلم إنني لئن كنت محتاجاً إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج ولي فرس للحلم بالحلم ملجم ولي فرس للجهل بالجهل مسرج فمن شاء تقويمي فإني مقوم ومن شاء تعويجي فإني معوج ورحمك الله يا ابن الجهم٬ يا (أعوج).
نقلا عن "الشرق الأوسط"

arrow up