رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

أيها الموظف ارفض العلاوة

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

(أندي با فاس)٬ هو رجل أميركي كان يشغل وظيفة في مكتب تابع لوزارة الصحة والتربية والخدمة الاجتماعية في شيكاغو٬ ويتقاضى (43248 (دولاراً . وخلال سنواته السبع في الوزارة ارتفع راتبه بنسبة 80 في المائة.
ويقول با فاس: «إن علاوة غلاء المعيشة تأتي في أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام٬ ثم تتلوها علاوة الرتبة المهنية في الشهر التالي٬ وهذا يعني أن راتبي كان يرتفع بمعدل 12 في المائة سنوياً٬ رغم أن نسبة التضخم المالي كانت تقل كثيراً عن ذلك». ورفض زيادة الراتب التي منحتها إياه الحكومة٬ وبهذا غدا أول موظف رسمي في الولايات المتحدة يتخذ خطوة من هذا النوع.
ويتابع با فاس: «عندما بدأت الوظيفة ظننت أن عملي سيكون له بعض قيمة٬ ولكن لم ألبث أن وجدته خلواً من القيمة التي تصورتها. أما الزيادة فكانت مثلاً صارخاً على تكريس التضخم بواسطة قوانين حكومية٬ وعلى العموم شعرت بأن الأشخاص الذين يحتلون المراتب العليا في دوائر الدولة يتقاضون رواتب ضخمة لا تنسجم والأعمال التي ينتجونها. ولو أن الدولة تخلت عن نصف الموظفين٬ فسوف يسير العمل والإنتاج كما هو».
والغريب أن رسالة رسمية جاءته٬ وفيها أن القانون ومتفرعاته لا تسمح للموظف بالتنازل عن علاوة في الراتب٬ وكانت الرسالة ممهورة بإمضاء مدير مكتب الوزارة في شيكاغو.
وفوق ذلك وعقاباً على تمرده٬ أصدروا أمراً بنقله إلى فيلادلفيا مع خفض راتبه. عندها قدم استقالته لأنه يحب العيش في شيكاغو٬ فأصدروا ضده بعض العقوبات٬ معتبرين عدم طاعته للأوامر وتقديم استقالته نوعاً من التحريض.
وكان إصدار تلك العقوبات هي القشة التي قصمت ظهر البعير مثلما يقولون. إذ إن وسائل الإعلام٬ والرأي العام كذلك تعاطفوا مع با فاس٬ وبدأوا في نبش كثير من الملفات وتطبيقات الأنظمة٬ ووجدوا كثيراً من التجاوزات والفساد والمحسوبية٬ وتطوع كثير من المحامين – الذين هم كالعادة يحبون الخوض بالمياه العكرة ­ لا للدفاع عن با فاس فقط٬ ولكن لكشف الفضائح في بعض الدوائر الأميركية٬ ونتجت عن ذلك الإطاحة بكثير من الرؤوس.
وغدا ذلك الرجل بين ليلة وضحاها «ستار»٬ بل وأشبه ما يكون بالبطل القومي٬ وأصبح حديثه بوسائل الإعلام بالشيء الفلاني٬ بل إن سعره يحسب بالدقيقة.
وجنى نتيجة حركته أو موقفه ذاك كثيراً من الملايين في سنة واحدة٬ أكثر من لو أنه اقتصر على راتبه واستمر يعمل لمدة مائة سنة متواصلة.
وإلى الآن لا أدري٬ هل هو فعلاً قنوع ووطني٬ أم أنه (بكاش)٬ وعرف كيف يلعبها؟! ونصيحتي التي أقدمها كالعادة لكل موظف هي: أن يقتدي بـ(با فاس) ويرفض أي علاوة تقدم له.
نقلا عن "الشرق الأوسط"

arrow up