رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

هل نحن مؤهلون الآن للديمقراطية بصيغتها الغربية؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

نعم ثمة تحفظ عندي على صيغة ممارسة الديمقراطية عن طريق الانتخاب، وربما يغضب هذا الرأي كثيرا من أنصار هذه الصيغة في الممارسة السياسية والاجتماعية، وهذا يرجع عندي إلى عدة أسباب، أوجزها في الآتي: أولا: إن في تجربتنا ما يؤكد وجود ما يتناسب وطبيعة مجتمعاتنا وقيمنا وتقاليدنا. ثانيا: إذا كان ولا بد من أن نأخذ بهذه الصيغة، فلنتدرج في الأخذ بها، وذلك بإشاعة مفهوم مبدأ قبول الرأي الآخر. ثالثا: إننا يجب أن نبدأ أولا بالبنية التحتية للثقافة الديمقراطية في المنزل، بحيث نتيح في ممارستنا التربوية الفرصة لأبنائنا للتعبير عن أنفسهم، وألا نقمعهم .. ثم في مراحل التعليم الابتدائي حين نجعلهم يختارون رائد الفصل من بينهم، لا أن نفرضه عليهم فرضا قسريا. وثمة تجربة في جامعاتنا يجب أن نتوقف عند دلالاتها جيدا، حيث جربت مسألة الانتخابات لتنتخب كل كلية عميدها ورؤساء أقسامها فتدخلت العوامل الشخصية، وكان أن كان .. مردودها كان سلبيا، لأنها خضعت لاعتبارات شتى ليس من بينها اعتبار مبدأ الكفاءة، ففشلت التجربة وعدنا إلى الاختيار ، وحسنا فعل المسؤولون ذلك، والسبب الأول وراء الفشل كان انعدام الثقافة الديمقراطية، وعدم فهم مضامينها الحقيقية، فأخضعت لمبدأ (الشخصنة)، وهو الطامة الكبرى التي تقف حجر عثرة ليس في طريق الممارسة الديمقراطية عن طريق الانتخاب وحدها، بل وفي كل المجالات الأخرى، لأنه نقيض المأسسة. قد تسألني: إذن ما هو الحل الذي تقترحه لحل هذه المعضلة؟ أجيبك. إذا أقررنا بأننا يجب أن نأخذ بمبدأ التدرج لا القفز في الظلام، فإننا يجب أن ندرس تجربة مجتمعنا التاريخية وطبيعته، وثمة العديد من الدول في منظومة الدولة الثالثية أخذت هذا النموذج، والذي هو في جوهره خلاصة تجربة مجتمعات أخرى تطورت بشكل طبيعي، ولم تصل إليه بين ليلة وضحاها، وإنما تدرجت تاريخيا حتى وصلت إليه. لا أنادي بالقطيعة مع تجارب الآخرين، ولكن الوصول إلى النتائج التي توصلوا إليها، أو الصيغة التي تلائم تطورهم، هما ما يجب أن نضعهما في الاعتبار .. وهذا هو عين التدرج والتطور الطبيعي، وما عدا ذلك يعد قفزا في الظلام قد يوصلك، أو يدق عنقك . وعلى كل فإني أعتقد أن حسن اختيار ولاة الأمر لمن أرادوا من الناس، وفق مبدأي الكفاءة والأمانة يظل هو الخيار الأفضل بعيدا عن المجاملة والتكريم الشخصي .. ومثلما هو الحال في مجلس الشورى الذي أخاف أن يطاله الانتخاب هو أيضا في ظل هذا الاندفاع نحو الديمقراطية بصيغتها الغربية . ولكن كما قلت، وأشدد على ذلك، على أن يطبق معيار القوة أو الكفاءة والأمانة بصرامة عند الاختيار لهذه المهمة التكليفية الشاقة .. وهذا هو النهج الذي كان يتبعه الملك المؤسس عبدالعزيز - رحمه الله - فقد كان يختار بعناية مستشاريه من مختلف الجنسيات العربية بهذه الشروط، ثم يتابع عن كثب أداء أجهزته التنفيذية، ويأخذ بمبدأ الشورى الحقيقة، لا الصورية أو الشكلية. فنأخذ في هذه المرحلة بهذه الصيغة، حتى نتأهل لما هو بعدها، أيا كان مسماها، فليست الأسماء هي المهمة، وإنما العبرة بالنتائج. أقول هذا لأن الضجة الإعلامية التي واكبت الانتخابات البلدية حان الوقت لأن نقيم هذه التجربة التاريخية وصولا بها إلى ما يشبه الكمال مستقبلا. هل أبدو واضحا ومفهوما؟ آمل ذلك والأجر على الله.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up