رئيس التحرير : مشعل العريفي
 علي سعد الموسى
علي سعد الموسى

الهيئة وسراب "سنحاسب المتسبب"

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لن ينكر دور فضيلة الاحتساب سوى صاحب هوى، ولن يتجاهل أدوار هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المساهمة في حفظ الأمن المجتمعي سوى جاهل مغرض... ولكن... وهنا سأبدأ من الجملة الأولى: يفترض من الهيئة الموقرة أن تمد لمجتمعها يد الثقة، وأن تبني بينها وبينه جسرا واضحا من المصارحة والشفافية والمكاشفة. وعلى الواضح المكشوف: بيان الهيئة الأخير حول "مبارك الدوسري" وقصة سحل الفتاة أمام بوابة "النخيل مول" يعيدنا جميعا إلى ذات "الإكليشة" المطبوعة منذ ثلاثين سنة: "سنحاسب المتسبب ولن نسكت عن.... إلى آخر البيان النمطي السائد المطبوع... انتهى". ومن الواضح بمكان أن لدى الهيئة الموقرة آلة طباعة لم يتم تحديثها منذ ثلاثة عقود، وتطبع هذه الآلة ذات البيان بعد كل قصة وفي أعقاب كل حادثة. وفي القاسم المشترك بين هذه البيانات تلك الجملة التي تتحدث عن أن بعض أخطاء المنتسبين لا يجب أن تعمم على كافة الجهاز، وفي هذا شيء من الصحة لولا أن المسألة استمراء يجب وقفه. اليوم سنقف عند جملة "... وسنحاسب المتسبب... إلخ". وسأكون أكثر وضوحا إن قلت إن جهاز الهيئة الموقر يرمي هذه الجملة كقطعة "إسفنج" لامتصاص ردة فعل الرأي العام أو كحبة بنادول في ساعة صداع، الهيئة تراهن على أن المجتمع الواسع من حولها سينسى القصة حين يدخل في قصة خبرية أخرى من أي نوع أو فصيل. وخذ في المثال أن هذه الجملة أصبحت لزمة لاصقة في بيانات الهيئة، ولكننا جمعيا: لم نقرأ أبدا ماذا حصل من الحساب في القصة الشهيرة لعائلة "الباحة" التي بترت فيها يد الأم في اليوم التالي لوفاة الأب والابن بعد المطاردة. لا نعرف مصير مكان "الجمس" الشهير الذي طارد شابين حتى لقيا مصرعهما بالسقوط من فوق أحد الكباري. تلاشت تماما نتائج المحاسبة في مقتل مواطن حي "الدخل المحدود". وبالمثل قصتا تبوك وحائل المأساويتان ومعهما عشرات القصص الأخرى التي ابتدأت بذات لغة البيان "سنحاسب المتسبب"، ثم انتهت جميعها إلى حفظ الملف وقيد التهمة "ضد مجهول". وفي المعلومة الأخطر التي تحتاج من جهاز الهيئة إلى توضيح ما تداولته وسائط التواصل الكثيفة من أن بعض المتسببين ببعض القصص التي أساءت إلى سمعة هذا الجهاز قد عادوا إلى العمل الميداني بعد أشهر أو أعوام من إيقافهم من قبل ذات الهيئة. والخلاصة الأخيرة أن الهيئة الموقرة ملزمة بالوضوح والشفافية. إما أن تختار ثقة المجتمع بالانحياز إليه وإما أن تختار دور التغطية على تجاوزات بعض الأفراد، وهي بهذا تفقد المجتمع وتهدم الجسر الذي تعبر منه إليه. نعم، وبصوت مسموع: الخطأ البشري طبيعة الأفراد وغير قابل للتعميم على أداء الآلاف في أي جهاز، ولكن في المقابل، لا يمكن لأي جهاز أن يدافع على الدوام ويقاتل كي لا يحاسب المخطئ النشاز الشارد. نريد أن نسمع من الهيئة الموقرة ولو عن حالة حساب واحدة، ولكن هذا لم يحصل. نقلا عن الوطن

arrow up