رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

الأطماع وتضخم في ( ألانا )

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

إذا كان لدعوة الشيخ إبن عبد الوهاب التجديدية وجهاً سياسياً ما، فإنها كانت تبرز وتعلي فكرياً وروحياً من شأن الإتجاه التوحيدى للجزيرة العربية، لأن معارضة عبادة الأولياء وتحطيم أضرحة الصالحين وقطع الأشجار المقدسة، في تلك الظروف كان يعني رمزياً تحطيم السند الروحي وتدمير الأساس الفكري للتجزيئة الإجتماعية.كانت دعوة بن عبد الوهاب - رحمه الله - من هذا المنظور سنداً وسلاحاً فكرياً وروحياً لحركة التوحيد المركزية في شبه الجزيرة العربية التي قادها الإمام محمد بن سعود عندما إستقر من ضيافته محمد بن الوهاب في الدرعية عام (1744 - 1745م). وبما أن خيار المملكة العربية السعودية السياسي والتشريعي كان دائماً هو الصيغة الإسلامية في الحكم والتشريع، ليس لأنه فقط يعبر عن هوية أهلها المسلمون، أو لأنها مستقر بيت الله، ومستودع قبر رسوله الكريم فقط، ولكن لقناعتها بأن التشريع الإسلامي الإلاهي هو الأكمل بين تشريعات العالمين، وإلي أن يرث الله الأرض بمن وما عليها.لذا فقد تمتع رجال الدين والعلماء - في كل الأرض - فيها بوضع شبه خاص، إلا أن ذلك كان يتم، ويجب أن يكون ، في إطار المساواة والعدالة بين رعايا الدولة.فهذا هو المبدأ الإسلامي الراسخ ، إن لا يعلو أحداً علي أحد إلا بالتقوى والإستقامة والإصلاح.هذا من ناحيه. إلا أن بعضاً ممن ينسبون إلي هذه الطائفة تجاوزت حدودها حين إدعت لنفسها حقاً أكثر من بقية مواطني الدولة، خاصة بعد نجاح حركة الخميني في إيران، إذ إدعوا لأنفسهم حقوقاً أكثر من غيرهم، بل وتوغلوا أكثر في الغلو حين إحتكروا لأنفسهم الحق في توجيه سياسة الدولة، وفرض رؤيتهم علي رعاياها جميعهم.هل كان ذلك بتأثير من ثقافة أخري ؟.ربما .هل كان نتيجة لأطماع وتضخم في (ألانا) ؟.ربما . أياً كانت الأسباب، إلا أنهم وفي غفلة من الزمان والناس ، وبسبب اللين الذي تعاملت به السلطات المسؤولة معهم، نتيجة إرث قديم وثابت ومستقر يقضي بتوقيرهم وحفظ مكانتهم في المجتمع، بإعتبارهم قدوة أفراده، وعامل مهم من عوامل إستقراره، إستمرأوا لعب هذا الدور السياسي، وأصبحوا أوصياء علي الناس في هذا البلد، بل وإمتدت وصاية بعضهم إلي خارجه. لقد إرتكبنا خطأً فاحشاً حين جعلناهم فوق جميع فئات وشرائح مواطني الدولة الآخرين، وحين جعلناهم المتحدث الوحيد بإسم الجميع،وهم في كل الأحوال يعتوهم ما يعتو البشر من ضعف، ويعتريهم ما يعتري الآخرين من ذلك، ويرتكبون ما يرتكب الناس من أخطاء، إلا أنهم وبوضعيتهم تلك التي أكسبناها لهم صاروا في عصمة من المساءلة والحساب. بذلنا لهم المال الوفير بغية صرفه في المصارف التي حددها الشرع بحسبانهم الأدري بمصارف شرع الله. وسخّرنا أجهزة إعلامنا بمختلف أنواعها لهم، يتحدثون إلينا، ويتحدثون عنا، وكأننا خرس أو بنا عاهة.بإختصار: أخلينا لهم ساحة العمل العام كاملة، وتركنا لهم عقول أبنائنا يزرعون فيها ما شاؤوا، فما زرعوا فيها غير ما يوطد سلطتهم ونفوذهم، حتي صاروا عجينة لينة بين أيديهم يشكلونها كيفما شاؤوا. وحين دعي داعي الجهاد ضد الخطر الشيوعي في أفغانستان وغزاها الإتحاد السوفيتي ، فتحنا لهم أبواب الهجرة إليها، ليتدربوا في معسكراتها الجهادية علي كل أساليب القتال وبكل أنواع الأسلحة تقليديها وحديثها. وحين إنتهت الحرب في أفغانستان بهزيمة الإتحاد السوفيتي، إنتشروا في الأرض تخريباً وتدميراً، قبل أن يعودوا ثانية إلي أفغانستان لقتال الأمريكان، وإستطار شرهم قبل وبعد أحداث سبتمبر 2001م ، التي أعطوا بها أمريكا وحلفائها مبرراً ، وللقوي الصهيونية، لتنفيذ مخططاتها إحتلالاً وضغطاً سياسياً وإقتصادياً علي الشعوب العربية والإسلامية، ووجدها "شارون"ومن اتى بعده سانحة راح تحت دخانها الكثيف والحملات السياسية والإعلامية التي صاحبتها ينفذ حلمه ومشروعه الإستئصالي للشعب الفلسطيني كله. وأخيراً أعادوهم إلينا لنشر الدماء والموت والرعب، بعد أن أعادوا لهم تصنيف الناس إلي مسلمون وعلمانيون، مؤمنون وكفاراً، وإستباحوا لهم دم الفئة الثانية، وأذنوا لهم بمحاربة الغرب وأمريكا، عن طريق قتل المدنيين من العرب والمسلمين والغربيين وتفجير المنازل الآمنة بالعربات المفخخة لحصد أرواح النساء والأطفال. ألا يجب أن نحاسب من هذا البحر السوداوي من الوقائع، دعونا نسأل أنفسنا : الآن ... من هنا وإلي أين ؟.ما الذي ينبغي أن نفعله حتي نعيد الأمور إلي نصابها ؟.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up