رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبده خال
عبده خال

العمل في يوم القيامة ..

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

من دلالات التنبؤ معرفة وقائع مستقبلية، والمخيلة الشعبية تغزل لها مخبأ حينما يداهمها واقع بعينه خشية أو تحذيرا مما سوف يقع؛ لذلك تقوم تلك المخيلة باستحضار جملة من الأحداث وتقرن بينها لتدلل على صحة تنبؤ سابق أو من خلال المخزون الثقافي وتحديدا الديني منه. وقد استمعت لمحاضرة مسجلة -لمدة ساعة- أجهد فيها المحاضر نفسه بالتقاط كثير من الوقائع والأحداث الراهنة وحمل كثيرا من النصوص ما يفوق مقدرتها على التحمل. وخلاصة محاضرة هذا الواعظ التنبؤ بقيام الساعة خلال هذه الأيام استنادا إلى ما يحدث في سورية وتجمع الشرق والغرب والمسلمين في معاهدة لشن حرب على طيف من البشر (تم تحديدها على أنهم داعش) ثم واصل المحاضر بمقاربة الأحداث التي سوف يعلن مع انتهائها قيام الساعة. إزاء هذا الموقف كتبت بحثا في كتاب أساطير حجازية بأن العقلية الباحثة عن الفناء مغرمة بالبحث عن النهايات، وهناك من هو شغوف بمعرفة البداية والنهاية قياسا بعدد سنوات عمره الضئيلة، فتجده متلهفا لأن يغلق بوابة الزمن فيتنبأ أو يخمن بدنو نهاية الدنيا مستلهما أحاديث كثيرة لهذا القرب. وكنوع من الاطمئنان على الذات فنهايتها هي نهاية البشرية أيضا. وأقرب تلك الأحاديث (الأشهر في هذا الجانب) ما رواه أنس بن مالك أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «بعثت أنا والساعة كهاتين قال وضم السبابة والوسطى »، صحيح البخاري . ولو اتبعنا العلم في هذا الحديث، وقمنا برسم بياني لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال بيانات تقريبية (بواسطة تمثيل الأعمدة) فسنجد أن المسافة المتبقية من طول الوسطى مقارنة بالسبابة يمثل ما يقارب الربع، ولو أن عمر الأرض 4.5 مليار سنة فالمتبقي من حياة الأرض يصل إلى مليار والآلاف الملايين من السنوات (كنتيجة لحساب الفرق بين تمثيل البيانات ومعرفة ما مضى من زمن وما تبقى منه) .. وهذا التفكير يقتفي نص الحديث وفق المحصلة العلمية الراهنة مع أن هذا الاقتفاء ما هو إلا هروب من تلك الأقاويل التي تتنبأ بالقيامة من خلال وقائع حدثت عبر التاريخ، وقد سبق من قال إن هذه المعركة ما هي إلا تمهيد لقيام القيامة فمضى الزمن وتيبست نبوءة أولئك الوعاظ. وهذا أدعى لأن يهتم الإنسان بعمارة الأرض وأن يعمل جاهدا على ذلك كتباع لأمر الله سبحانه وتعالى بدلا من الاسترخاء واليقين بانتهاء العالم وانتهاء العمل. نعم نحن ثانية من مليارات السنوات إلا أن حكمة الحكيم أرادت من هذه الثانية أن تكون غلافا وجوديا يبدأ بسبحان الله وينتهي بسبحان الله. نقلا عن عكاظ

arrow up