رئيس التحرير : مشعل العريفي

الهلال والأهلي .. الحسم للمدرج

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

في المباريات الأخيرة للهلال والأهلي، أصبح الفوز لكليهما يأتي بعد عملية قيصرية، يسبقها شد عصبي رهيب يبدأ من أرضية الملعب ويصعد لمدرجاته، ولا ينتهي إلا مع صافرة النهاية، ويتفوق الهلال في أنه يفوز أو يتعادل بعروض فنية ممتازة، بخلاف الأهلي عندما يفوز أو يتعادل، إذ يأتي كلاهما بشق الأنفس. المشهد تكرر في الموسم الماضي بين النصر والأهلي، وكذلك في موسم 2014، بين النصر والهلال، ولن تنتهي هذه الحمم المتصاعدة إلا مع حسم أحدهما للقب.
ما يحدث أمر طبيعي، يتولد عن الضغط النفسي بسبب شدة المنافسة، والضغط النفسي ذاته يولد الأخطاء، ويقلل التركيز ولذلك سنستمر في رؤية الفرص السهلة تضيع في مباريات الفريقين كما كانت في المباريات الثلاث الأخيرة لهما.
يُقسّم الدكتوران التومي عبد العزيز وفيصل قاسمي في بحثهما “الضغوط وتأثيرها على المنافسة”، الضغوط في المنافسات الرياضية إلى ثلاثة أنواع: ضغوط منخفضة الشدة، ومعها لا يتقدم آداء اللاعب ويظل يراوح في مكانه بسبب الملل وقد تفقده الحالة الحرص على المثابرة، وضغوط مرتفعة الشدة، وفيها يشعر اللاعب بالضيق والإجهاد والاختناق، وقد يفقد القدرة على إظهار ما يملكه من قدرات ما يقربه من الفشل أكثر منه إلى النجاح، النوع الثالث وهو الضغوط المثالية المعتدلة الشدة، وهو نوع دافع ومحفز يرتفع فيها الصغط عند مؤشر إيجابي لا يتجاوز الخط الأحمر ولا يهبط تحت الخط الأزرق. الأنواع الثلاثة تختلف من لاعب إلى آخر، بعض اللاعبين يجيد السيطرة على انفعالاته ويبقي الضغوط عند خط الاعتدال، وهؤلاء غالبا لا يحتاجون إلى مساعدة لأنهم لا يفقدون القدرة على إدارة المشهد ولا يسمحون بأن يكونوا تابعين له بل مشكلين له مؤثرين فيه، أما البعض الآخر فيقع رهينة للنوعين الآخرين وتظل المؤثرات على مسرح الملعب تتخاطفهم، ترفعهم حينا حتى درجات الخطر وتهوي بهم إلى ظلام الغياب حينا آخر. المشهد السابق يجيب بوضوح على سؤال يؤرق المدربين والرياضيين دائما: لماذا بعض اللاعبين يؤدون بشكل ممتاز في الحصص التدريبية ويفشلون في المباريات؟
.. النوعان الأخيران من اللاعبين الذين يقعون رهائن للضغط العالي والضغط المنخفض الشدة، يحتاجون إلى المساعدة على الدوام عند اشتداد المنافسة، فمن يساعدهم؟ يجيب على ذلك، الأستاذ نعمان عبد الغني عضو المجلس الدولي للصحة والتربية البدنية والحركة والتعبير الرياضي، حين يقول بما معناه في واحد من مقالاته الاختصاصية الجميلة: “المشاركة الإيجابية من الأطراف المحيطة هي الدافع الرئيس لتجاوز التوتر وتعزيز الطاقة النفسية”، الأطراف المحيطة يقصد بها المدرب، الإدارة، لاعبي الخبرة، الإعلام، والجمهور.
.. سأتحدث فقط عن الجمهور، وكمثال على ذلك، في موسم 2014، أطلق النصراويون شعار “متصدر لا تكلمني”، وكان شعارا محفزا دافعا للتحدي، ولإيجاد توازن بين الضغط والطاقة النفسية، وعززت النتائج الإيجابية للفريق قدرة الشعار على الاستمرار كسلاح تحول من الضغط العالي إلى الضغط المعتدل ففجر الطاقات، وأصبحنا بعد ذاك الموسم متأكدين من أن الجمهور يستطيع أن يفعل الكثير متى ما كان إيجابيا.
في حالة الهلال والأهلي هذا الموسم، يتقدم جمهور الهلال على نظيره الأهلي، بخطوات إيجابية، حتى الآن يغذي المدرج الأزرق الثقة في لاعبيه بثقته فيهم أولا، فيما يحاصر الأخضريون أنفسهم بعُقَد يصدرها الآخرون لمدرجهم، ما إن يتعادل الأهلي حتى يقول أصغر مشجع في مدرجه إلى أكبر واحد فيهم: “تعبنا خلاص متى نأخذ الدوري”، مع أن اللقب لم يحسم بعد والحظوظ متساوية، المشجع الأهلاوي نفسه وقع فريسة لشعارات ترددها مدرجات أخرى ضده، لذلك على جمهور الأخضر الجداوي أن يغير نفسه ويعزز الطاقات النفسية الإيجابية للاعبيه، ويدفعها للأمام بدلا عن البكائيات المزعجة تلك. وأن يفهم التفسير الصحيح للآية الكريمة: “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”. نقلا عن الاقتصادية

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up