رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

الإعلام الجاذب و الشحن الفكري والوجداني

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ليس طوفان العمالة الوافدة وحده هو المسئول عن هذه العمليةالانقلابية في القيم ،ا إذ أن الغزو الفكري والوجداني الذي يتعرض له المجتمع السعودي بكل قطاعاته وفئاته ، عن طريق وسائل الإعلام والثقافة الشعبية في شاشات القنوات التلفزيونية والمجلات والأشرطة الموسيقية والانترنيت والكتب ، يعمل بقوة على إجراء أكبر عملية غسيل دماغ جماعية تتعرض لها الشعوب ، في ظل هيمنة الثقافة الغربية الأوروأمريكية وسيطرة آلتها الإعلامية الجاذبة العملاقة . وأن ما تفعله هذه الآلة هو بالضبط عملية تفريغ وإعادة شحن فكرية ووجدانية لهذه الشعوب ، إذ تقوم بتفريغها من مضامينها وهويتها الأصلية ، لتشحن فكرها ووجدانها بمضامين ثقافية غربية تتشكل على ضوئها وعلى أساسها هوية جديدة ، إلا أنها ليست غربية مائة في المائة . ولكنها في الوقت نفسه ليست هي الهوية القديمة ذاتها . وهكذا يمكن أن نسميها بالهوية " المسخ " . التي لا تعبر عن ذات معينة .. ولكنها يمكن أن تعبر عن أي ذات أخــرى . تغيير شـامل وعميق الخطر إذن يحدق بناء وبمجتمعنا من كل جانب . ونستطيع بشيء من الرصد المتأمل أن نلاحظ سمات ، أو بعض سمات هذا التغيير الذي أخذ يصيب هوية مجتمعاتنا فى الكثير من المفاهيم والأنماط السلوكية . ولعل الممارسات التي بدأت تطفو على السطح مثل الرشوة والمحسوبية والتحايل على النظم والاعتداء على المال العام ، وغيرها من الظواهر السلبية تصلح خير دليل على ما بدأ يعترى المنظومة القيمية والأخلاقية من تغيير ، فقد كان المجتمع يزدري مرتكب هذه الممارسات وكانت من الأشياء المشينة المنبوذة ، إلا أنها الآن لم تعد تواجه بنفس القسوة والصرامة ، بل أن البعض أخذ يجاهر بها ، أو لا يستهجنها بالقدر الكافي من الإدانة الذي كانت تستهجن به ، إذ أصبحت في نظر هذ1 البعض علامات " للفهلوة " والذكاء وسعة الحيلة . وأن من يطالع صحفنا تصدمه يومياً هذه الأخبار التي أخذت تتزايد في السنوات الأخيرة عن الجرائم المختلفة التي ترتكب . وإذا كانت الجريمة لا موطن لها ، لأن المنحرف و المجرم هو طاهرة ظلت تتكرر في كل المجتمعات ، ومنذ فجر المجتمعات البشرية . إلا أننا لا نقيس كم ونوع الجريمة هنا بمثيلاتها في أمريكا مثلاً . ولكننا نقيسها مقارنةً بما كان عليه وضعها في المجتمع السعودي قبل ابعة عقود مثلاً ، وهذا هو القياس السليم . ودون الحاجة إلى أي دراسات فإن هذا الارتفاع الكبير في معدلات الجريمة في السنوات العشر المنصرمة ، أو العقد الأخير من القرن الماضي ينبىء بأن ثمة تغيير طرأ على المنظومة الاجتماعية ، وهذا التغيير لابد أن يكون شاملاً : أي اقتصادي ، ثقافي ... الخ ، ليعزز مثل هذا التحول على مستوى القيمة والأخلاقيات والمعايير . حسـاب الربح والخسـارة أي لابد أن يكون التغيير شاملاً وعميقاً حتى تصل تأثيراته إلي مسـتوى الضمير الأخلاقي ، لأن هذا الضمير الأخلاقي هو البوصلة التي تحدد للإنسان معياريته الفكرية والسلوكية ، وأنها المحكمة الداخلية للفرد والتي تحدد له "مشروعية" أفكاره وسلوكياته . أي هي التي تحدد للفرد مدى مطابقة أفكاره وسلوكياته لقوانين وأعراف مجتمعه

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up