رئيس التحرير : مشعل العريفي

"القرضاوي وسروري".. قصة شيخين جمعتهما قطر وفرقتهما أطماع السياسة والخلافة

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

صحيفة المرصد: لفتت قطر خلال العشر سنوات الماضية باستقطاب شخصيات مثيرة للجدل تنتمي لتنظيمات سرية أو حركات وجماعات إرهابية، ولعل أبرز النماذج الشاهدة على ذلك هو احتضانها للقيادي الإخواني البارز يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ومحمد سرور الذي عرف من خلال تياره السروري أو ما يسمى بـالسلفية السياسية.
يعد المصري "الإخواني" يوسف القرضاوي الأقدم حضوراً والأكثر تأثيراً في أوساط النخب السياسية القطرية الحاكمة، من زميله السوري محمد السرور الذي شاع فكره في الأوساط الشعبية القطرية.
إليك قصة مجيئهما لقطر:
ووفقًا لـ"العربية"، جاء القرضاوي إلى قطر ضمن موجة النزوح الإخوانية إلى دول الخليج في زمن جمال عبد الناصر عام 1961، ليتحصل لاحقا على الجنسية القطرية.
وقال القرضاوي في مذكراته التي نشرها على صفحته الإلكترونية متناولا نشاطه في قطر: "منذ أول خطاب ألقيته في المدرسة الثانوية بمناسبة انفصال سوريا عن مصر، وكان هذا الخطاب ذا طابع سياسي، كما كان درس جامع الشيوخ ذا طابع ديني، عرف أهل قطر شيئا عن هذا القادم الجديد، وبعد فترة قليلة دعاني الشيخ ابن تركي إلى إحياء ذكرى الإسراء والمعراج في المدرسة الثانوية، كلما جاءت مناسبة دينية أو وطنية أو اجتماعية دعيت إلى المشاركة فيها".
وأضاف الإخواني: "فلما جاء أول رمضان علي في قطر دعاني ابن تركي إلى مسجد الشيخ خليفة بن حمد ولي العهد نائب الحاكم المقام أمام قصره الذي فيه سكنه ومكتبه، فكنت أذهب لأصلي العصر بالشيخ، ثم ألقي درساً في تفسير آية أو شرح حديث، أو الحديث عن موضوع معين بمناسبته، مثل الحديث عن غزوة بدر أو فتح مكة أو ليلة القدر (...)، وكان الشيخ خليفة نفسه حريصا على حضوره باستمرار لا يتخلف عنه إلا لمرض أو عذر، وفي هذا المسجد تعرفت على عدد من الأصدقاء الذين كانوا حريصين على حضور الدرس، منهم الشيخ سلمان بن جاسم الذي حضر من أم قرن، والشيخ خالد بن حمد، أحد إخوة الشيخ خليفة الذي توطدت علاقتي به حتى أمست صداقة حميمة، وثيقة العرا، وكان يحضر من الريان القديم".
تابع رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين تباهيه بالحظوة التي امتاز بها عن باقي العلماء القطريين خاصة والعرب عامة، وبعلاقاته مع المسؤولين القطريين التي عززت من أركانه في قطر قائلا: "كان الترتيب الذي وضعه ابن تركي أن أذهب إلى المسجد نصف الشهر ثم يبدلني ويأتي بشيخ آخر بقية الشهر من باب التنويع، وفعلا بعد أسبوعين أرسل واحدا آخر، وألقى درسا، وفي نفس اليوم اتصل الشيخ خليفة بالشيخ ابن تركي، وقال له: لماذا غيرت القرضاوي؟ قال له: أردت أن أنوع وقال: لا، أنا لا أريد تنويعا، ولا أريد عالما غير القرضاوي"، وعدت ثانية إلى مسجد الشيخ خليفة، ثم تغير إلى مسجد الريان بعد أن نقل الشيخ قصره إلى الريان، وبعد أن أصبح هو حاكم قطر، ثم تغير مسجد الريان إلى مسجد داخل القصر، لا يأتيه إلا الخاصة، بناء على توجيهات رجال الأمن، ولكن بقي حرص الشيخ على حضور الدرس بصفة دائمة، وإنصاته إليه.. وظل هكذا حتى تولى ابنه الشيخ حمد الحكم أي حوالي 36 رمضانا، تخلفت فيها رمضانا واحدا عن هذه الدروس".
وبعدها استقر القرضاوي وقام باستدعاء كافة أصدقائه وزملاء السجن من جماعة الإخوان المسلمين، وتوفير عقود العمل لهم في قطر، تكثف بسببه نشاط ودعوة الجماعة السياسية الحركية من خلال استحواذهم على المناشط الدعوية في المساجد.
أما قصة ظهور الحركة السرورية في المشهد القطري، فبدأت حينما استقرار محمد سرور في الدوحة القطرية في العام 2013 إلى جانب القرضاوي، يأتي في ظل أهمية الرمزين في أوساط التيارين السروري والإخواني، اللذين تمتد أذرعهما في مختلف الدول العربية والإسلامية.
واشتهر محمد سرور الذي توفي بالدوحة 11 نوفمبر 2016 بالتيار الذي حاول أن يزج بين تيار السلفية والإخوانية القطبية تحت مسمى التيار "السروري" الذي اشتهر به في منطقة الخليج. صعدت السرورية الحركية في قطر من خلال زيارات سرور المتكررة إلى الدوحة، والتي بدأ بتدشينها في السبعينات الميلادية حتى شاعت وزاحمت جماعة الإخوان المسلمين، وإنما في (الأوساط الشعبية) بحكم العباءة السلفية الأكثر انسجاما مع المجتمع القطري.
عقب انشقاق سرور عن جماعة الإخوان المسلمين بفرعها السوري، في أواخر ستينيات القرن الماضي، بعد أن انتسب إليها تنظيميا في سنة 1953، دأب وعبر تياره ومدرسته طوال عقود على مزاحمة الجماعة واستقطاب الإخوان خليجياً وعربياً.
اللافت بالأمر أن إطلاق اسم "السرورية" على تنظيم محمد سرور جاء من قبل جماعة الإخوان أنفسهم، فبحسب ما قاله سرور في أحد لقاءاته بدأ إطلاق هذا الوصف على تلامذته من قبل الجماعة على سبيل الازدراء في العام 1968.
ويتمثل الاختلاف المنهجي بين السلفية الحركية والقطبية في انتقاد السرورية بعض التطبيقات الإخوانية والقصور في الجوانب الفقهية والعقدية، منها ما هو متعلق بالمرأة والاختلاط والديمقراطية والعلاقة بإيران، ومن جانب آخر شعور الإخوان أن التيار السروري خرج عنهم، إضافة إلى ما تراه الجماعة في السلفية من جمود وابتعاد عن متطلبات العصر وضرورة تطعيمها بالتصوف.
لعب كل من القرضاوي وسرور أدوارا بارزة منذ اللحظات الأولى لبدء الثورات في المنطقة العربية ابتداء بتونس وليبيا واليمن ومصر، المواقف كانت واضحة وصريحة من خلال ظهورهما على مختلف الساحات بالدعم المالي والمشورة وتوجيه الفصائل والكوادر المسلحة في مناطق الصراع وفق مراقبون للمشهد.

arrow up