رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبدالحميد العمري
عبدالحميد العمري

«حساب المواطن» .. حان الموعد

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ينتظر أن يبدأ حساب المواطن في أداء مهامه خلال أيام قليلة جدا، ومواجهة تحدياته التنموية الجسيمة، تلخص أهمها في أربعة تحديات سيأتي ذكرها بعد قليل، والإجابة فعليا عن أهم سؤالين سبق طرحهما على إدارة الحساب قبل نحو خمسة أشهر، الأول: هل سيفي الحساب المستهدف الانتهاء منه قبل حلول موعد تطبيقه فعليا بالأهداف التي من أجلها تم إنشاؤه؟ الثاني: هل سيحقق فعليا الامتصاص التام لأي ارتفاع في تكاليف المعيشة (آثار مباشرة وغير مباشرة) نتيجة تحرير أسعار استهلاك الطاقة حسبما تم إعلانه؟ التحدي الأول: أنه كلما تشددت الضوابط التي يتحدد بناء عليها مستوى الدخل الشهري، تقلصت الفائدة المأمولة من حساب المواطن! كأن يتم احتساب دخل الزوجة ضمن دخل رب الأسرة، أو أي دخل آخر متحقق لأي فرد من أفراد الأسرة في ذمة رب الأسرة صاحب الحساب الذي سيتلقى الدعم النقدي الشهري. سيؤدي مثل هذا القيد إلى رفع مستوى دخل الفرد المستهدف بالدعم النقدي إلى مستويات أعلى، قد تذهب به إلى شرائح الدعم الجزئي أو حتى إلى الشريحة التي لا تستحق الدعم! في حين أن الدخل المحتسب هنا سواء الزوجة أو أي فرد من أفراد الأسرة، قد لا يتصرف فيه رب الأسرة كاملا أو جزءا منه، وعلى أنه أحد أبرز النزاعات الأسرية المعاصرة في مجتمعنا، إلا أن إدارة حساب المواطن تدرس احتسابه بالكامل ضمن دخل رب الأسرة، ما سيفاقم من الضغوط المعيشية على رب الأسرة، بما سيؤثر كثيرا في الاستقرار المالي للأسر والمجتمع بشكل عام، ويؤثر أيضا في نجاح تحقيق أهداف المشروع الوطني نحو إعادة توزيع الدعم الحكومي، وضرورة ذهابه إلى الأسر والأفراد المستحقين فعلا له من المواطنين والمواطنات. التحدي الثاني: استبعاد تأثير القروض والديون المصرفية والعقارية وشركات التقسيط على مستوى الدخل الشهري للأفراد أو أرباب الأسر، التي تستقطع كما هو معلوم لدى الجميع بين 33 في المائة إلى 65 في المائة من الدخل الشهري للمقترض، وبحال تم استبعادها حسبما أعلن فلا شك أن التكاليف المعيشية المتوقع ارتفاع فاتورتها على رب الأسرة، ستؤدي حتما إلى زعزعة الاستقرار المالي لتلك الأسر وأربابها. وفقا لأحدث إحصاءات حول أعداد المقترضين من المصارف ومؤسسات التمويل، تجاوزت أعداد المقترضين للقروض الاستهلاكية والعقارية سقف 3.3 مليون مقترض (466 مليار ريال حتى نهاية مارس 2017). لهذا قد ترى إدارة الحساب احتساب الدخل الصافي لرب الأسرة بعد خصم الأقساط الشهرية لتلك القروض المصرفية والعقارية، خاصة أن نسب استقطاعها تتجاوز ثلث الراتب الشهري وقد تصل إلى ثلثي الراتب كما هو حاصل في القروض العقارية، علما أن تلك النسب قد ارتفعت أخيرا بعد خصم عديد من البدلات والمزايا التي كانت تصرف لموظفي القطاع العام. وللعلم فقد تجد هنا أفراد وأرباب أسر ضمن شريحة الدخل الأعلى "الخامسة"، إلا أنه بعد استقطاع تلك الأقساط الشهرية، ستجد أنه بموجب الدخل المتبقي والمتاح للصرف ينتمي إلى شريحة الدخل الأولى! التحدي الثالث: المتمثل في تحديد "المستوى المرشد للاستهلاك" لمختلف مصادر الطاقة والمياه، وهو المعيار الذي كلما تدنى أو تم خفضه بصورة متشددة، دون النظر إلى الكثير من الاعتبارات المرتبطة بالظروف المناخية والجغرافية محليا، أو بتأخر تطبيق عديد من المواصفات والمقاييس المتعلقة بالمباني "العزل" أو "الأجهزة الكهربائية كالمكيفات والإنارة وغيرها" أو "السيارات ووسائل النقل"، التي لا تزال في بداية طريق تطبيقها عبر المركز السعودي لكفاءة الطاقة، إضافة إلى اعتبارات أخرى تتعلق بنقص بدائل النقل العام، التي ينتظر تدشينها في منظور عامين إلى ثلاثة أعوام في عدد قليل جدا من المدن. تؤكد الاعتبارات السابقة وغيرها المشابه لها مما لا يتسع ذكره هنا، أنه من الضرورة بمكان حال العمل على تحديد "المستوى المرشد للاستهلاك"، أن تؤخذ بعين الاعتبار دون بلوغ حدود الإسراف، وأن تأتي منصفة لجميع الأطراف، وفي مقدمة تلك الأطراف شرائح المستهلكين، ويمكن مستقبلا مع تقدم إنجاز حلول تلك الاعتبارات المذكورة أعلاه، أن يتزامن معها إعادة تحديد "المستوى المرشد للاستهلاك" لأي مصدر أو مورد. التحدي الرابع: المتمثل في مقدار التعويض النقدي المخطط دفعه شهريا للمستفيد "رب الأسرة"، الذي يستهدف ضمن أهدافه الرئيسة، أن ينجح في امتصاص 100 في المائة لأي آثار تضخمية على تكلفة معيشة المواطن، تحديدا الواقعين في الشريحتين الأولى والثانية، وأن يمتص جزئيا تلك الآثار بالنسبة للشريحتين الثالثة والرابعة. بداية؛ إن أخذت إدارة حساب المواطن في عين اعتبارها التحديات الثلاثة السابقة، يمكن القول إنها قطعت قريبا من 75 في المائة من طريق تحقيق الأهداف المعلنة للحساب، ليبقى الربع الأخير ممثلا في قيمة أو حجم الدعم النقدي المخطط دفعه للمستفيد "رب الأسرة"، الذي متى ما كان كافيا كشرط أول، ومتى ما تم القيام بالمراقبة والمتابعة اللصيقة والسريعة للآثار المحتملة بعد التطبيق، والتعرف بشكل دقيق جدا على الأوضاع الحقيقية للأسر ومختلف شرائح المجتمع المستهدفة بالدعم، بعد تطبيق تحرير أسعار استهلاك مصادر الطاقة، للتدخل السريع ومعالجة أي قصور أو انحراف قد يطرأ، كل هذا كشرط ثان! يمكن القول إن الجزء الأخير من الطريق البالغ الحساسية لمشروع حساب المواطن، سينجح بمشيئة الله تعالى في الوفاء بالأهداف الرئيسة التي لأجلها تم إقراره، الذي بدوره سيسهم في نجاح تحقق بقية أهداف برامج ومشاريع الرؤية المستقبلية لبلادنا، ويكفل لها اكتمال أركان ومتطلبات منظومة العمل الواسعة، والجهود المبذولة في الوقت الراهن ومستقبلا، الهادفة إلى إنجاز المشروع الوطني لـ"رؤية 2030". ليس هذا فحسب؛ بل سيؤدي ضمان أداء حساب المواطن، ونجاحه التام في توفير الحماية الاقتصادية والمالية والاجتماعية والتنموية للمستفيدين من المواطنين، إلى تحفيز أهم شركاء مشروع "رؤية المملكة 2030" ممثلا في أفراد المجتمع السعودي، نظير حصولهم على مزايا تنموية محفزة جدا من برامج التحول التي يتم العمل على تنفيذها، وبما يؤكد لهم على أرض الواقع أن تحسين وتطوير خيارات حياتهم اليوم ومستقبلا، وضمان توسيع تلك الخيارات في المستقبل أمام الأجيال القادمة، بما يتوافق مع التطلعات المشروعة والطموحة للمجتمع السعودي، وأنها ضمن أول وأهم أولويات مشروع الرؤية المستقبلية لبلادنا واقتصادها الوطني 2030. والله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية

arrow up