رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

من شابه أمته فلا ظلم

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

أكتب إليكم هذا المقال يوم الجمعة وأنا لست بأحسن حالاتي لا من الناحية الجسدية ولا العقلية ولا النفسية، تماماً كما هي حال أمتي العربية، (ومن شابه أمته فلا ظلم). أكتب لكم ولا أدري هل العيد هو يوم الأحد أو الاثنين، ولكن بالنسبة لي هما (سيان)، (فالعيد) عند أمتنا يظل واقفاً (محلك سر) من أول ما تساءل وخاطبه شاعر (الدنيا والآخرة) كذلك، وهو المدعو (المتنبئ) عندما قال: (بأي حال عدت يا عيد)؟! ومن ذلك الوقت – أي قبل ألف عام أو ينيف – أي أكثر – ما زالت هذه الأمة مغلوبة على أمرها. كثيرون هم من وضعوا أصابعهم في عيني ورجموني قائلين: إنك تستمتع بجلد ذاتك، وأصدقكم القول، إنهم صادقون ولم يخطئوا فيما اتهموني به، وهذا (شرف لا أدعيه وتهمة لا أدفعها). أقسم لكم بالله لو أن الجلد يكفي، لجعلت ظهري بساطاً لكل (كرابيج) العالم، ولكنه ومع ذلك لن يكفي، ولن يخرج (سعاطير) البلاوي المتلتلة من نافوخي الخربان والمتمرد. إنني بكلامي هذا لا أهذي، بل إنني أقولها بفمي الملآن بعد أن عاد عقلي لتوه قبل دقائق – وأخشى ما أخشاه أنه سوف (يتبخر) بعد عدة دقائق لاحقة فيما بعد. ما أبيخ الكاتب عندما يكون (سوداوياً)، ويرمي همومه على الآخرين، وأعترف أنني أحياناً قليلة أكون من ذلك الصنف، خصوصاً إذا وصلت إلى حائط مسدود يصدم أنفي ويسيل منه الدماء. وما أكثر ما أرغمت نفسي على نثر الفرح أمام الآخرين سواء في حياتي أو في كتاباتي، حتى لو كنت كاذباً، وكثيراً ما ذهبت إلى غرفتي بعدها، أو أغلقت عليَ بابي وبدأت بسكب دموعي وتقريع نفسي. إنني لست ملاكاً وفي نفس الوقت لست شيطاناً، إنني (بين بين)، واليوم يبدو أن (جينات) الشيطان في ذاتي تغلبت على الملاك الخانع المسالم، فخذوني الله يرضى عليكم على (قد عقلي). ولكي أعطيكم في عيدكم على الأقل بصيصاً من الأمل والفرح والبهجة الإنسانية اقرأوا معي التالي: الطفلة البريطانية (هوب لي) ولدت وعندها مرض مميت بالمخ، وقرر والداها أن يتبرعا بأعضائها لمن يستحق، وفعلاً تبرعا بكليتيها وقلبها وكبدها، وأنقذت هي ثلاثة أطفال من موت محقق، وقال والدها بعد ذلك: كان الأمر محزناً جداً، لكن الأسرة اتفقت على التبرع بالأعضاء، وكان لدينا الوقت لترتيب كل شيء. وأضاف قائلاً: قبل وفاة (هوب) بعدة دقائق، قبضت هي بأصابعها الصغيرة على إحدى أصابعي، الأمر الذي سبب انهياري، صحيح أن (74 (دقيقة ليست وقتاً طويلاً معها، ولكنها كانت فترة كافية للوداع. اعذروني، وعيدكم سعيد، ودعوني أذهب إلى غرفتي وأغلق بابي.
نقلا عن الشرق الأوسط

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up