رئيس التحرير : مشعل العريفي
 د. فهد العتيبي
د. فهد العتيبي

فلسفـة العلاقات الدولية.. المملكة أنموذجاً

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

شهد القرن التاسع عشر الميلادي انتشار الإمبراطوريات في العالم حتى أطلق على هذا القرن قرن الإمبراطوريات (the age of Empires ). ومع انهيار هذا النظام الاستعماري بعد الحرب العالمية الأولى برزت الدولة الوطنية (the national state) كوحدة سياسية بديلة للإمبراطورية. ويقصد بالدولة الوطنية رقعة جغرافية خاصة بشعب معين يقطنها من فترات طويلة ويرتبط هذا الشعب ببعضه البعض برابط اللغة والثقافة ويتمتع بوجود نظام حاكم. وكانت المملكة العربية السعودية من أنصع أمثلة الدولة الوطنية. فأرضها مهد للحضارة منذ الأزل، وشعبها يعيش على هذه الأرض منذ زمن بعيد وتربط بينهم روابط ثقافية ولغوية وتتولى الحكم فيها أسرة آل سعود التي ارتضاها الشعب منذ العام 1745م.
وتتميز المملكة العربية السعودية بتشريف الله لها بكونها مهد الإسلام ومنطلق اللغة العربية وحاضنة الحرمين الشريفين مما جعل حكومة هذه البلاد تعمل على المواءمة بين متطلباتها الوطنية والعربية والاسلامية وإن كانت هذه المواءمة في أحيان كثيرة على حساب مصالحها الخاصة خدمة لمحيطها العربي والإسلامي. وقد بذلت في ذلك الغالي والنفيس والأمثلة هنا أكثر من أن تعد أو أن يحتويها هذا المقال.
ومع عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وانطلاق رؤية المملكة العملاقة 2030م والذي وضع مهندسها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع -حفظه الله- نصب عينيه أن تتبوأ المملكة مركزها الجدير بها إن كان عربياً أو إسلامياً أو عالمياً تعالت بعض الأصوات المشككة التي تريد أن تضع هذا المشروع الوطني في صدام مع الهوية الإسلامية. وكأنهم يريدون لنا أن نبقى دون هوية وطنية أو أن نتوقف عن البحث عن مصالحنا الوطنية وهو ما يتنافى أساساً مع مفهوم الدولة الوطنية. إن تحقيق المملكة لمصالحها الوطنية هو في النهاية تحقيق للمصالح العربية والإسلامية. فلم ينفك حكام هذه البلاد منذ عهد المؤسس -رحمه الله- ينظرون إلى خدمة العرب والإسلام في كل ملف يتعاملون معه.
ولكن هناك أمران جديران بالتأمل؛ الأول: إنه من حق المملكة العربية السعودية إقامة علاقات مع أي دولة ترى أن من مصلحتها التعامل معها. فالوطن في أيدي ولاة أمر بايعهم الشعب على السمع والطاعة ثقة فيما يقدمون، وهم المخولون بتقرير هذه الأمور بناء على الكثير من المعطيات السياسية والأمنية والاقتصادية والتي لا تتوافر لغيرهم.
الثاني: من المعيب أن يكون من ينتقد المملكة على إقامة علاقات مع دولة أخرى يقيم هو علاقات مع هذه الدول منذ زمن بعيد ويرى ذلك بحثاً عن مصلحته!! أليس من حق المملكة أيضاً البحث عن مصالحها؟ بل والأدهى من ذلك والأمر أن يكون بعض هؤلاء المتغنين بالمشاعر الإسلامية «الزائفة» أول من طعن المملكة وحاول النيل من استقرارها!! نقلا عن الرياض

arrow up