رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

الجانب الثقافي في سياحتنا الداخلية والخارجية !

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

كثيرا ما تقرأ عن ضرورة تطوير الصناعة السياحية في المملكة، ولا يسعك إلا أن تضم صوتك إلى من ينادي بهذا، فالمملكة ولله الحمد والمنة تعتبر من الدول الغنية بمواردها السياحية، الأمر الذي يساعد على تنويع مصادر الدخل الوطني، إذا ما بذلنا الجهد اللازم لتطوير هذه الصناعة بقطاعاتها المختلفة، الطبيعية والرياضية والدينية والتاريخية والتراثية الشعبية.. إلخ، ووجود رجل مثل الأمير سلطان بن سلمان على رأس القطاع السياحي يعتبر نصف النجاح، ويبقى الباقي على القوانين والبرامج التطويرية، بعد إذ توفرت القيادة التي تتمتع بالمعرفة والرؤية الاستراتيجية والمتابعة. إلا أن هناك عاملا لا أدري لماذا نتحاشى الحديث عنه تحرجا، ألا وهو الوعي السياحي عند المواطن، رغم أنه يعتبر من أهم محاور نجاح أي مشروع تنموي يهدف إلى النهوض ليس بالسياحة وحدها، بل وبكل المشاريع النهضوية والتنموية، لأن العملية على هذا الصعيد هي تكاملية شاملة ولا يجدي معها أن يقوم قطاع أو محور واحد، وهو هنا الدولة ومؤسساتها الحكومية وحدها، فلا بد من تكامل وتضافر الجهد في القطاعين الأهلي والشعبي معها.
ويتجلى ضعف الوعي السياحي عندنا في عدة مظاهر، إذ يبدو أننا نغفل الجانب الثقافي في سياحتنا الداخلية والخارجية، ولك أن تسأل كم من السعوديين قام بزيارة للآثار التاريخية في الوطن مثل مدائن صالح أو منطقة رجال ألمع على سبيل المثال، وكم سائح زار مصر وذهب إلى مناطق أهرامات الجيزة أو سقارى، أو أوغل بعيدا ليزور معبد أخناتون في جنوب مصر، ليس ذلك وحسب بل يمكنك أن تسأل من زار وتجول في منطقة سور الأزبكية وقرأ عناوين الكتب النادرة التي تباع رخيصة هناك وغيرها من العالم، حتى في العاصمة المصرية والتي هي واجهات تشكل جزءا من الذاكرة المصرية، وكذلك الحال في كل بلاد الدنيا التي لم نترك بلدا لم نزره فيها؟.
نحن نكتفي في سياحتنا بالعواصم ونقضي إجازتنا في فنادقها ذات الخمسة نجوم، ونعود وليس في ذاكرتنا سوى الفنادق الفخمة وروادها الأنيقين وأسواقها الكبيرة وكأننا عرفنا البلد الذي زرناه، بينما نحن لم نتعرف في الواقع سوى على الوجه المذوق والمبهرج الممكيج الذي لا يعبر عن البلد وثقافته ولا عن روح المدينة، والمشكلة أننا حينما يأتينا زائر ما، حتى ولو لزيارة علمية أو في مهمة أكاديمية نأخذه في جولة لنبهره بما عندنا من مبان فخمة، وأذكر حادثة مثل هذه في الجامعة لوفد أكاديمي جاء ليتعرف على نشاطات الجامعة فأخذه الإخوان في جولة يشاهد فيها مبانينا، وقد أعربت إحدى الزائرات عن ملاحظة فحواها بأننا لم نأت لنشاهد مباني ولكن لنتعرف على النشاطات الأكاديمية والعلمية والمجتمعية للجامعة. ومرد هذا لا شك هو ولعنا الشديد بالمظاهر، وكأننا ننسى بأن عنوان التطور والرقي الحقيقي هو الإنسان وليس المبنى أو المظهر الخارجي مهما بدا جميلا وفخيما، وإن الروح الحقيقية للبلد الذي نزوره لا يمكن أن نجدها في ردهات الفنادق الراقية وروادها المتأنقين ولا في العاملين بهذه الفنادق، لأنهم مدربون على سلوك وتصرفات وردود أفعال ولغة محسوبة مدروسة بعناية، أما ثقافة الناس الحقيقية وروح البلد فموجودة في الشارع وفي الزحام.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up