رئيس التحرير : مشعل العريفي
 قينان الغامدي
قينان الغامدي

وطني بين مشهدين: وطن سلمان أبي ومحمد ابني

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

بين مشهد «تكفين ميت!» الشهير، وبين مشهد وقوف مسرح المفتاحة في أبها منذ ليلتين على قدم واحدة ليردّد مع فنان العرب: «نستاهلك يا دارنا وحنا هلك وانت سواد عيوننا شعب وملك» بين المشهدين مساحة وطن تمتد من الماء إلى الماء، ومن جبال الشمال الأبية إلى سروات الجنوب الشامخة، ومن شغاف القلب، إلى ضوء العقل. نعم، مساحة وطن يمتد بعظمته بين محاولات دفنه، وبين عزائم النهوض ونفض الغبار والكشف عن معدن الذهب السعودي، وأصالة الروح السعودية!، بين «1979» ثورة خميني العدو السافر خارجيا، ومعه ما سمي صحوة كعدو مستتر داخليا، وبين «2017» ثورة رؤية «20/‏30» وديناميكية قرارات الحزم خارجيا وداخليا، بين هذا وذاك هامة وطن ترتفع فوق، فوق الأفلاك، ترتفع في مكانها الطبيعي في صدر المجلس العالمي، وفي قمة المشهد الإنساني الطبيعي الرفيع!. لم تكن المملكة العربية السعودية طوال تاريخها، وطنا هشا، أو صيدا سهلا، لكنها كعادة العظماء تتأمل وتُسخّر الحكمة وتدّخر القوة، حتى إذا حان الوقت انقضت كبازيّ يعرف ماذا يصيد ومتى وكيف!. المواطن السعودي العظيم اليوم، يده على الزناد في جنوب القلب، وعينه اليقظة ساهرة على كل جهات شغاف القلب وشفيف الروح، شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، ويده الأخرى تدفع القطار وتشيد المطار، وتطور الطريق، وتُخْمِد الحريق، وعقله ونفسه يغردان بمحبة وصدق، وعزيمة وقوة: «نستاهلك يا دارنا وحنا هلك وانت سواد عيوننا شعب وملك». أبطال مشهد «تكفين ميت!»، وأبطال مشهد وقفة المفتاحة، كلهم يعيشون في أرض واحدة، وتحت سماء واحدة، وبأمن واحد، وتطلّع مختلف، لكن هذا الاختلاف بين الموت والحياة، لم يجعل مظلة الوطن ناقمة ولا متحيزة ولا انتقائية، وإنما مظلة خضراء تهمي على الكل حبا وأناقة وألقا، وتدعو الذاهب إلى القبر إلى أن يعي أن الحفاظ على المظلة عامرة آمنة هو نوره في قبره وجنته في آخرته، وتضيء للذاهب إلى الفرح طريقه إلى المسجد، قبل طريقه إلى الطرب، لتبين له أن هذا وذاك لم ولن يكونا نقيضين أبدا، وإنما متكاملان، فلا تمعن الاستغراق في أيهما دون الآخر! ثم أما بعد: هل يلام مثلي في عشقه وطنا، لا تتوقف مآذنه عن «الله أكبر !»، ولا يهدأ هدير النمو فيه حتى يستعيد وهجه أقوى وأعظم، ولا نخشى على وقفته التأملية الطويلة أحيانا، حتى نجده كالإعصار مقتحما صفوف التغيير والتطور والسبق العالمي وعيا وعملا! إنه وطني، وطنك، وطنها، وطن السعودي والمقيم والباحث عن أمن سابغ وعيش كريم! إنه وطن الحزم والعزم، وطن أناة الحكمة وسرعة القرار، وطن حساب العواقب والطموح الجموح، وطن استلهام عظمة التاريخ واستدناء المستقبل، وطن جدي الخالد في يقظة وعظمة التاريخ، ووطن أبي الفاعل المؤثر في استمرار تشكل صفحات النور التاريخية، ووطن جيلي الفخور بثراء تجربته بين مرحلتي الامتنان والحق، ووطن ابني الذي يحملنا الآن كلنا على كتفيه الشابتين المضيئتين، ليقدمنا جميعا كأجمل وأثمن هدية تاريخية لحفيدي القادم، بتطلع وتحفز يستحيل علي تشخيصه، أو خدمته بغير تجهيز الطريق، الطريق الذي حفيدي وحده من يحدد إن كان صلاحه باقيا، أو لا بد من غيره! الآن، وباختصار: هذا وطن سلمان أبي، ومحمد ابني، وأنا بينهما، رمز ثقة واطمئنان وحب للأب، وقصة تطلع ونشوة وسعادة وثقة في الابن. حفظ الله الوطن، والسلام عليكم.
نقلا عن الوطن

arrow up