رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

" لا خاب من استشار " !

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

يلفت نظري بشكل متكرر ، فهمنا الذي يحتاج إلى مراجعه وإعادة نظر إلى مفهوم الاستشارة ، باعتبارها مفصلاً مهما ، بل وحيوياً في النظام الإداري سواءً على مستوى مؤسسات الدولة أو على مستوى مؤسسات القطاع الخاص ، وما ضل يلفت نظري دائماً هو أن هذا المفهوم يشوبه شيء من الغموض وعدم الوضوح بالشكل الملائم ، وبالتالي فإن " وظيفة " الاستشارة كمفصل إداري ضروري لابد منه ، تضل معطلة ، أو هي تُمارس في أحسن الأحوال بطريقة خاطئة ، تضر بأكثر مما تنفع . وبالطبع فإن المدخل الوحيد والصحيح لمعالجة المشكلة يبدأ بالسؤال : من هو المستشار ؟ وما هي وظيفته ؟ وما هي مؤهلاته ؟ يعتبر المستشار في الدول المتقدمة من أكبر المؤثرين في اتخاذ القرارات ، الاستراتيجية والتكتيكية معاً ، فهو الذي يمد صاحب القرار ليس بالمعلومة التي تساعده على اتخاذ القرار المناسب فحسب ، بل ويعرض عليه منظومة متكاملة من خطط العمل والخيارات المختلفة ، مع احتمالاتها وردود أفعالها ، وهو يفعل ذلك مستنداً على قاعدة قوية ومتينة من المعلومات ، وقياس الاتجاهات وعلي رصد دقيق لواقع موضوعه .
ومتحرراً من بروتوكولات الوظيفة الرسمية وتعقيدات الروتين الإداري ، من خلال ذلك يستطيع المستشار أن يكون عَيْنًا ثالثة للمسؤول صاحب القرار تنقل له ، المشاهد التي لا تستطيع ، أو لا ترغب العين التنفيذية الرسمية نقلها لصاحب القرار لسبب أو لآخر . وبداهةً فإن من تتم استشارته ينبغي أن يكون من المختصين في مجال موضوع الاستشارة وأن يمتلك رصيداً معرفياً وخبرة عملية في مجالها ، تجعل منه مرجعية يوثق في رأيها ، وواقع الأمر فإننا نجد بعض المستشارين الذين يفتقرون إلى الخبرة اللازمة ، ولا تدري ما الذي يمكن أن يقدموه من رؤى تساعد صاحب القرار على اتخاذ القرار المناسب . وغالباً ما تقف العلاقات الاجتماعية والمجاملات دوراً مؤثراً في تعيينات مثل هذه . فإذا كانت وظيفة المستشار على نحو ما ذكرنا آنِفًا ، فإن موقع المستشار يجب أن يكون في اتجاه معاكس لصاحب القرار ، لأنه يبحث عن المعلومة التي ليست عند صاحب القرار حتى يلازمه المستشار مثل ظله يصاحبه في حله وترحاله ، فالمعلومة التي يحتاجها صاحب القرار هي في مكان آخر تماماً ، هي إما في " الواقع " الذي يقع خارج محيط صاحب القرار ، وإما في بنوك المعلومات وإما بين الناس الذي يُتخذ القرار لصالحهم ، ومهمة المستشار هي البحث عن مصادر المعلومات التي يحتاجها صاحب القرار ، وأن يبلورها في شكل مقترحات عملية وواقعية وخيارات يضعها بين يدي صاحب القرار . وطالما الحال كذلك فإن تطابق وجهات النظر المسبقة بين صاحب القرار ومستشاره لا ينبغي أن تكون هي هاجس أَيّ منهما ، لأنك تلاحظ في كثير من الأحيان أن المستشار يكاد يكون مجرد " صدى " لصوت صاحب القرار ، لاعباً دور " السيد نعم " على طول الخط . ومستشار مثل هذا لا خير في مشورته إطلاقا ، لأنها استشاره لا تضيف لصاحب القرار شيء ، وبالتالي فإنه سيتخذ قراراته معتمداً على تقديراته الخاصة ، والتي تكون في الأغلب مستنده على ما تنقله له التقارير التي يرفعها مرؤوسيه ، والذي يمثل تزيين الواقع له هاجسهم الأول والأخير . وليس لهذا النوع من الاستشارة يحتاج صاحب القرار ومتخذه ، ولهذا يقال في مأثوراتنا العربية " لا خاب من استشار "

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up