رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

السرقة هي السرقة

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

إذا كانت السرقة تعتبر مهنة فلا شك أنها من أقدم ثلاث مهن في تاريخ البشرية، غير أنني لا أعتبرها مهنة بأي حال من الأحوال، لأنها تعتدي على حقوق وأملاك الآخرين من دون وجه حق، ولأن من أساليبها التخفي والتدليس والكذب والخداع، وقد نهت عنها وحاربتها الأديان والشرائع والأخلاق والأعراف، ورغم كل هذه الحروب عبر مئات القرون لم تستطع البشرية القضاء على هذه الآفة، فما زالت السرقة هي السرقة وما زال اللصوص هم اللصوص. غير أن السرقة تطورت بأساليبها تبعاً لتطور العلم والثقافة والمجتمعات عموماً، إلى درجة أن اكتشافها أصبح أكثر صعوبة، فقد اختلط (الحابل بالنابل) – بمعنى أننا أصبحنا لم نعد نعرف الشريف من الوضيع - وتصدمنا الوقائع أحياناً، إذا انفجرت فضيحة وإذا برجل مجتمع كان يشار له بالبنان والتقى والاستقامة، وإذا به عكس ذلك تماماً. والسرقات أنواع ودرجات، منها الخفيف ومنها الثقيل، منها التافه ومنها (الحرزان) جداً، والمثل الذي أردده أنا دائماً ولا أتقيد به هو: (إذا عشقت اعشق قمر وإذا سرقت اسرق جمل). أبعدنا الله عن لوعات العشق المميتة، وعن سرقات الجمال والجيوب والبيوت والبنوك. وكل تفكيري الآن منصب على السؤال التالي: ماذا لو أن حد السرقة قد تطبق بحذافيره، فكم يد يا ترى سوف نراها مقطوعة. وأكتب لكم الآن هذا التساؤل بيدي اليمنى، وعيني لا شعورياً تنظر إلى يدي اليسرى، لكي تطمئن عليها، وبما أن مزاجي قد تعكر لهذا سوف أغير أسلوبي سريعاً وأحكي لكم عن سرقتين متناقضتين: الأولى: أقدم (كيشور كيل) على سرقة حقيبة تركها صاحبها على مقعد بالقطار ظناً منه أن بها محتويات ثمينة، وذلك أثناء تجوله بين مسافري أحد قطارات (مومباي). وما أن غادر عربة القطار ونزل إلى المحطة وفتح الحقيبة حتى فوجئ بيدي طفل رضيع عمره أيام تخرج منها، وهو ما دفعه ليتركها مفتوحة ويهرع محاولاً الهرب، إلا أن المواطنين بالمحطة لاحظوا الواقعة وتجمهروا على الحقيبة وتمكنوا من الإمساك به وتسليمه للشرطة. والثانية: قام ثلاثة لصوص بسرقة شاحنة في مدينة (ميسين) بألمانيا، ليتفاجأوا بأنها تحمل (12) جثماناً للموتى، وقد تخلص اللصوص منها بالكامل، خلال حرقها في إحدى الغابات. وعثرت قوات الشرطة على التوابيت وتمكنوا من تتبع آثار اللصوص عن طريق كاميرات المراقبة على الطريق حتى توصلوا إلى مكانهم في بولندا والقبض عليهم، وقضت محكمة بسجن اللصوص الثلاثة بواقع (4) سنوات لكل واحد منهم، وهي عقوبة عن سرقة الشاحنة فقط نظراً لكونهم لم يعلموا عن احتوائها على التوابيت بداخلها – انتهى. اللصوص هم اللصوص، لم يسلم منهم المواليد في مهادهم، ولا الموتى في أكفانهم.
نقلا عن الشرق الأوسط

arrow up