رئيس التحرير : مشعل العريفي

لماذا لم تستفد السعودية من التجربة العُمانية في حل معضلة الإسكان؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

صحيفة المرصد : تفاقمت أزمة الإسكان في السعودية، لتلقي بثقلها على كاهل المواطن بعد وصولها إلى مراحل متقدمة على خلفية تلكؤ الخطط الرسمية، وتعثر المشاريع المتعلقة وبقائها في إطار الوعود، ما وضع وزارة الإسكان في دائرة الاتهام، لتكثر التساؤلات عن سبب عدم الاستفادة من تجارب خليجية رائدة في هذا المجال كالتجربة العُمانية.
عُمان الأولى عربيًا والثانية عالميًا
وتُعد سلطنة عُمان من الدول التي احتلت مراكز متقدمة على مستوى العالم في تمليك المواطنين لمساكن، إذ جاءت قبل عامَين في المرتبة الثانية بعد سنغافورة لتبلغ نسبة تمليك المواطنين لمساكن 89%، وتكون بذلك الأولى في العالم العربي، رغم إمكانياتها الاقتصادية التي لا ترقى لاقتصاد المملكة ، وفقاً لموقع إرم نيوز .
وفي أحدث الخطط الرسمية لإسكان المواطنين، أكدت صحيفة “عُمان اليوم” الإثنين، على أن وزارة الإسكان عمدت إلى توزيع أكثر من 16 ألف قطعة أرض بمختلف المحافظات خلال النصف الأول من العام الجاري.
إخفاق سعودي
يأتي ذلك في وقت، اعترفت فيه نظيرتها السعودية بإخفاق برامجها الإستراتيجية، وسط غضب سعوديين ممن عاشوا لأعوام طويلة على أمل حل الأزمة.
وكان خادم الحرمين الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، أمر عام 2011، بتأسيس وزارة للإسكان، وخصص لها 250 مليار ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية خلال 5 سنوات لم ينته إنشاء أغلبها حتى الآن.
وأظهر تقرير متخصص في مجلس الشورى، أنه لم يتم تسليم سوى 3090 وحدة سكنية للمستحقين من أصل 500 ألف وحدة، كان من المفترض الانتهاء من إنشائها في عموم مناطق المملكة.
ويُعد إسكان محدودي الدخل، الجانب الأبرز في أزمة الإسكان في السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم وأقوى اقتصاد عربي، ورغم وعود الوزارة بحل الأزمة، بقيت وتيرة تنفيذ برنامج الإسكان الطموح بطيئة الخطى، في ظل صعوبة حصول الوزارة على الأراضي اللازمة لتنفيذ مشروعاتها.
60% من السعوديين يعيشون في مساكن مستأجرة
ووفقًا لتقديرات شركة الاستشارات “سي.بي ريتشارد إيليس”، يعيش نحو 60 % من المواطنين السعوديين الذين يقارب عددهم 21 مليون نسمة، في شقق مستأجرة، في حين تغيب الأرقام الرسمية التي تحدد حجم النقص في المساكن في المملكة.
وفي ظل النقص الشديد في المعروض، والزيادة المستمرة في أسعار الإيجارات، والمضاربة على الأراضي غير المطورة، وطول فترة الحصول على التراخيص، إلى جانب عدم توافر القدرة المادية بين معظم الشرائح التي يتركز فيها الطلب، تستمر معاناة المواطنين السعوديين، وبشكل خاص شريحة الشباب المقبلين على الزواج.
الفرق بين التجربتَين
ويرى الكاتب السعودي، سليمان الرويشد، أن لكل من التجربتَين إطارَين تنظيميَّين؛ الأول متعلق بـ”لائحة تنظيم الدعم السكني” المعمول بها في المملكة، و”قانون الإسكان الاجتماعي” المعمول به في عُمان.
ويقول الكاتب، إن كلا البلدَين ينتهجان “على نحو بقية معظم دول مجلس التعاون الأخرى، سياسة منح الأراضي السكنية للمواطنين الذين لا يملكون مساكن ممن بلغوا سنًا عمرية معينة، والاختلاف فيما بينهما حول هذا الجانب، هو أن منح الأراضي السكنية في المملكة حاليًا متاح لبعض ممن هم مشمولون بضوابط لائحة تنظيم الدعم السكني، بينما في سلطنة عُمان، فإن منح الأراضي السكنية متاح بشروط معينة لكافة المواطنين، حتى وإن لم يكونوا مشمولين باشتراطات قانون الإسكان الاجتماعي”.
أما الفارق الآخر بين التجربتَين، فيرى الرويشد، أنه يتعلق بكون “لائحة تنظيم الدعم السكني في السعودية، تعتبر فئة غير القادرين على امتلاك مسكن هي شريحة واحدة متاح لها تلقي الدعم الحكومي حسب خياراتها، لكن ضمن ضوابط معينة، وأوجه هذه الخيارات يتمثل في وحدة سكنية أو أرض سكنية أو أرض وقرض سكنيين أو قرض سكني فقط، إلا أن كافة أوجه هذا الدعم قيمته مستردة ضمن أقساط ميسرة تمتد على مدى سنوات”.
ويضيف الرويشد “بينما في التجربة العُمانية، صنفت فئة غير القادرين على امتلاك مسكن من الأسر العُمانية إلى شريحتين؛ الأولى المتاح لها الحصول على مساعدة سكنية غير مستردة وفق ضوابط محددة في شكل وحدة سكنية أو مساعدة مالية لبناء مسكن أو شرائه، أما الفئة الثانية فهي التي لها سقف أعلى من الدخل وقادرة على تسديد الدعم الحكومي لامتلاك مسكن، ويتاح لهذه الفئة الحصول على قرض سكني لبناء مسكن أو شرائه وسداد قيمة هذا القرض بأقساط ميسّرة على مدى محدد من السنوات”.
ويشير الكاتب الرويشد، إلى وجود عوامل أخرى غير مرتبطة بشكل مباشر بكفاءة الوزارات، ومنها وجود عرض كاف من الوحدات السكنية الملائمة التي تتيح إمكانية استئجارها بقيمة لا تتجاوز ثلث دخل الأسرة في المجتمع، مع استقرار هذه الأسعار وعدم تذبذبها في سوق الإسكان صعودًا وهبوطًا.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up