رئيس التحرير : مشعل العريفي
 د. فهد العتيبي
د. فهد العتيبي

تشويه التاريخ : الملكة وغزو الكويت عام 1990م أنموذجاً

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لا غرو ان التاريخ كائن حي ولد في لحظة معينة من تاريخ الأمة وينمو مع تطورها التاريخي ولايتوقف التاريخ عن النمو الا بنهاية الحضارة او موتها. وتعتبر عملية تشويه التاريخ او السطو عليه من أقذر العلميات الاجرامية على مر التاريخ. ومرد ذلك ان التاريخ ملك الأمة وليس ملك للأفراد وأي عملية تشويه له هي عملية تشويه للذاكرة الجمعية بما يترتب على ذلك من سلبيات كبيرة. ولعل اقبح صور هذا التشوية ما تناقلته بعض وسائل الإعلام القطرية حول موقف المملكة العربية السعودية من الغزو العراقي للكويت. حيث جاء فيها ان الملك فهد رحمه الله قد اتخذ موقفه الحازم من الغزو العراقي الغاشم للكويت خوفاً على المملكة وليس تضامناً مع الكويت. وفي هذا ولعمري تجن كبير سواء بحق التاريخ او بحق الأمة العربية او بحق دول الخليج او بحق الملك فهد رحمه الله. حيث نعلم ان الملك فهد رحمه الله وقف رافضاً للدعاوى العراقية بأحقية العراق في الكويت والتي ما فتئت وسائل الإعلام العراقية تطلقها من فترة الى اخرى. وعندما بدأ الغزو العراقي الغاشم للكويت حاول صدام من الوهلة الأولى عقد صفقة مع الملك فهد حيال الموضوع. حيث عرض صدام حسين على الملك فهد سكوت الأخير عن اجتياح الكويت مقابل مساعدة صدام المملكة في السيطرة على بقية دول الخليج. وبذلك تكون هناك دولتان سنيتان كبيرتان بدلا من تعدد الدول. فماذا كان موقف الفهد رحمه لله؟ لقد قال مقولته الشهيرة "يا تبقى المملكة والكويت سوى يايروحون سوى". وهذه أكبر درجات ربط المصير السعودي الكويتي ببعضه البعض. ويتضح كل ذلك مما ورد في كتاب مقاتل من الصحراء وتحت عنوان القرار التاريخي: "عندما علم الملك فهد بغزو صدام للكويت يوم الخميس الثاني من اغسطس عام 1990م لم يصدقه. حاول الملك فهد الاتصال بصدام حسين عبر احد هواتفه التي تربو على الخمسة عشر هاتفاً...ولم يستطع المل فهد التحدث الى صدام إلا عند العاشرة من صباح ذلك اليوم. ووجد صدام في غاية الغبطة ، كأنما حيزت له الدنيا بأسرها. ويروى ان محادثتهما درات على النحو التالي: الملك: ماهذا الذي أسمع؟! صدام: لاتشغل بالك ، سأرسل اليك عزت ابراهيم وسيشرح لك كل شئ. وفي الثالثة بعد ظهر الجمعة ، الثالث من اغسطس، استقبل الملك فهد المبعوث العراقي عزت ابراهيم وقد ادهش الملك اصرار المبعوث العراقي على ابلاغه تأكيدات صدام أن المملكة لن يصيبها أذى من جانب العراق. وأجابه الملك فهد: "انني اناقش وضع الكويت وليس أمن المملكة!". وكان رد عزت ابراهيم : "لم احضر هنا لأناقش مسألة الكويت. لقد تصحح وضع الكويت الآن. ولايمكن لعقارب الساعة ان تعود الى الوراء. جئت فقط لأطمئنكم على أمن المملكة". كان بإمكان الملك فهد هنا ان يحصل على ضماناته الخاصة بالمملكة ويترك الكويت لو كان هدفه المملكة فقط. وبفضل الله نجحت السعودية واصدقائها على المستوى العالمي من تحرير الكويت. بل ان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله ضل مرابطاً لفترة طويلة في مكتبه من أجل استضافة قيادات الكويت وشعبها. وكان بحق مهندس سمفونية الاستقبال السعودي المبهرة للشعب الكويتي الشقيق. كما لاننسى موقف الشعب السعودي المضياف من الأزمة. فقد فتح ابوابه على مصراعيها لأخوته الكويتيين حتى لم يشعر أي منهم بغربة المكان وبأنهم حارج الكويت. وكان لهذا الموقف السعودي الرسمي والشعبي دوراً كبيراً في تضميد جراح الكويت وأهلها وتخفيف مصابهم المادي والنفسي. فهل يعقل وبعد كل هذا ان يأتي من يقول ان السعودية حاربت صدام خوفاً على نفسها؟!!! ان هذه المقولة محاولة يائسة لتشويه التاريخ الغير قابل أصلاً للتشويه. انها محاولة معتوه ان يمد يده القصيرة الى قامة التاريخ المشرف لينال منها. ولكن أهل التاريخ والمتخصصين فيهم هم الأقدر على وصف تفاصيله. ولقد اعجبني بصراحة سرعة ودقة سعادة المستشار بالديوان الملكي الاستاذ سعود القحطاني الذي أخذ على يد هذا المعتوه ورده الى حجمه الطبيعي. حفظ الله وطننا وولاة أمرنا وشعبنا السعودي الكريم.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up