رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

المملكة يا جماعة الخير...غير !؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

بعض المسؤولين لا تدري على أي أساس منطقي يصدرون قراراتهم، ولا تملك وأنت تطالع هذه القرارات إلا سؤال نفسك: هل فكر الواحد منهم في أبعاد قراره هذا، وحسب بدقة تأثيره ونتائجه على المدى القريب والبعيد، أم إنه اتخذه في لحظة انفعال وتأثير عاطفي ما؟ فأنا على سبيل المثال، وعلى قدر ما أعملت عقلي وخيالي لم أستطع أن أجد مبررا لقرار فرض رسوم على مرافقي العمالة ورفع رسوم الاستقدام ! وفي سبيل البحث عن إجابة على هذا السؤال الذي يثير الدهشة والحيرة، استعرضت كل الاحتمالات والمبررات والأسباب الممكنة التي يمكن أن تجعل هذا القرار معقولا ومفهوما ومهضوما: هل الدولة على سبيل المثال فقيرة وخزانتها تعاني من شح الموارد المالية؟ هل هذه واحدة من وسائل الضغط على شركات القطاع الخاص لنجبرها على تشغيل السعوديين تحقيقا لشعار السعودة وتوطين سوق العمل يا ترى؟ هل هي وسيلة مجدية وناجعة لتطفيش العمالة الأجنبية الوافدة وتوفير تحويلاتها الخارجية واعتقالها بالدخل؟ يمكنك أن تسأل ما الذي يدعو لطرح أسئلة من هذا النوع، والإجابة بسيطة وبديهية وتتلخص في الآتي: إن الدولة الآن تعيش وقائع طفرة نهضوية كبيرة ومنهمكة في إنشاء وتشييد العديد من المشاريع التنموية العملاقة إضافة إلى برامج مشاريعها في توسعة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وذلك ما يعني بداهة حاجتنا إلى اليد العاملة الأجنبية. وكما لا يخفى على أحد فإن رفع رسوم استخراج بطاقة الإقامة على هذا النحو الكبير سيرفع من تكلفة المشاريع لأن المقاول أو الشركة لن تتحمل عبء الزيادة وإنما ستضيفها إلى فاتورة التكلفة.
أما إذا كان الهدف المزدوج هو إجبار الشركة على توظيف العمالة السعودية وتضييق الفرص أمام الأجانب فلا أعتقد أن هذه هي الطريقة المثلى لتحقيق ذلك، لأننا يجب أن نسأل أنفسنا: هل سوق العمل تتوفر على العدد الكافي من العمالة الوطنية لتغطية العمل وتلبية احتياجات السوق من العمالة بمختلف تخصصاتها ومستوياتها؟ والإجابة حسب الإحصاءات الرسمية المقارنة بين العمالتين في المملكة تقول: لا. وحتى القدر المتوفر من العمالة الوطنية ينقصه الكثير من مقومات التأهيل التي يحتاجها المستثمر وتحتاجها سوق العمل، وإذا وضعنا في الاعتبار أن دخولنا في منظمة التجارة العالمية سيضعنا أمام تحدي حرية تنقل الأموال والعمالة فإن عمالتنا ستكون في وضع تنافسي صعب، ولذا فإن الحل الأمثل لقضية السعودة وتوطين سوق العمل على المديين المتوسط والبعيد إنما يتمثل في تأهيل عمالتنا الوطنية، وإعادة النظر في مناهجنا التعليمية بما يضمن تلبية مخرجاتها لاحتياجات سوق العمل، وهذا الطرح يؤكد لمن يجهل بأن القضايا مترابطة ويأخذ بعضها برقاب بعض. المملكة يا جماعة الخير ليست دولة مثل غيرها من الدول فهي تتمتع في هذا العالم بثقل اقتصادي وسياسي وديني قلما أتيح لدولة في العالم، وبالتالي فإن عليها مسؤوليات في محيطها الإقليمي وفي الساحة الدولية أكبر من مسؤوليات عديد من الدول، ومن ثم فإن القرار فيها يجب أن يخضع للدراسة العميقة المتأنية، لأن القرار في المملكة تحكمه اعتبارات حجمها ودورها ومسؤولياتها الجسام.
وخاتمة القول: نحن حين نشير إلى القصور لا نفصل ذلك إطلاقاً عن بضعة حقائق يراها ويعيها كل ذي عينين وبصيرة. أولى هذه الحقائق: أن ولاة الأمر في هذا البلد ما بخلوا على كل ما من شأنه أن يرقى به وبمواطنيه أعلى درجات الرقى والرفعة والرفاهية. وما من فكرة يمكن أن تساعد على تحـقيق هذه الأهداف إلا ودعموها بسخاء، ووقفوا على جانبها يدفعونها إلى الأمام بقوة. وثاني هذه الحقائق: أن للمملكة مكانة خاصة في العالم بما خصها الله وفضلها بمقدساته ـ بيته الحرام وقبر رسوله الكريم ـ، وهي مهبط الوحي على آخر الأنبياء.. وأنها لذلك قبلة المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها كما وأنها قبلة عيون أعداء الإسلام، وهي «الرمز» المتين لهذا الدين على الأرض. وأن هذا ليلقي عليها مسؤوليات جساما، ومهمات كبيرة، ودوراً لن ينقضي أو ينتهي ما بقي الإسلام على الأرض. خاتمة : نسأل الله في هذه الأيام المباركة أن يحفظ لنا ديننا ووطننا وقادتنا وأمننا ووحدتنا ويديم علينا نعمه ويكفينا شر الاعداء والخونة وأن يصلح أمورنا كلها...والله من وراء القصد والمستعان

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up