رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

فلنقرأ حقائق وثوابت الجغرافيا والتاريخ معاً

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ثمة الكثير من المفاهيم السائدة الخاطئة التي تحتاج لان نعيد النظر فيها وتفحصها ، ولما لها من نتائج وآثار سلبية ، سواء في فهمنا لأنفسنا ، والدور المناط بنا القيام به ، أو في نظرة الآخرين لنا . وبعض هذه المفاهيم يتعلق بتحديد هويتنا كدولة ومجتمع وأفراد . وأوضح هذا النمط من المفاهيم الخاطئة يتمثل في تعريف المملكة بأنها دولة خليجية . هذا التعريف في أي جانب جئته هو خاطئ وبكل المقاييس، لأنه يعرف كيان المملكة بجزء منها ، ليعممه علي الكل . فالسعودية ليست دولة خليجية .. وكفي . إنها دولة خليجية في جانب من جوانبها ، إلا أنها ليست خليجية في الجوانب الاخري . ماذا يعني هذا ؟ . انه يعني ببساطه أننا إذا كنا نستطيع تأويل وإعادة تفسير ((وقائع)) التاريخ – وهذا ما يحدث عادة في تاريخ العالم كله – إلا أننا لا نستطيع أن نمارس نفس هذا اللعب علي ((ثوابت)) الجغرافيا . فالجغرافيا ليست مجموعة وقائع وحوادث تندرج في إطار الزمن والتاريخ .. وإنما هي مجموعة ((ثوابت)) تتحرك فيها وقائع التاريخ وأحداثه . والثابت في الشخصية الجغرافية للمملكة أن كيانها يشغل أربعة أخماس شبه الجزيرة العربية بمساحة تقدر بأكثر من (2) مليون (250) ألف كيلو متر مربع ، تتنوع تضاريسها ، نظراً لاتساع مساحتها . وان المملكة تطل علي ساحلين استراتيجيين . فعلي امتداد البحر الأحمر يمتد سهل تهامة الساحلي بطول ( 2400) كيلومتر ، بينما يمتد السهل الساحلي الشرقي الذي يطل علي الخليج العربي يبلغ (1000) كيلومتر . الأمر الذي يمنح كيان المملكة موقعاً جيوبولتيكياً متميزاً ، تنفتح به غرباً علي القارة الأفريقية ، وتتصل عن طريقه مباشرة بكتلة الدول العربية الأفريقية , وكتلة القرن الأفريقي غير العربية . وتنفتح به شرقاً علي ما وراء دول الخليج العربية في آسيا . وان هذا الموقع الجغرافي قد وضع المملكة في موضع القلب في العالمين العربي والإسلامي ، مما يؤهلها لان تلعب دورها في المحورين معاً بفعالية . إذ أنها بهذا الموقع تربط بين القارات الثلاث : شبه الجزيرة العربية واسيا وأفريقيا . فعن طريق نافذتها الغربية علي البحر الأحمر تأخذ بخناق أفريقيا العربية وغير العربية ، والأخيرة عن طريق السودان الشرقي (جغرافياً) الذي يقود إلي السودان الغربي ، إلي دول مثل تشاد وأفريقيا الوسطي والسنغال وغينيا حيث تتركز كتلة إسلامية كبيرة ، تبلغ نسبتها في بعض تلك الدول إلي حوالي (80% -90%) من إجمالي عدد السكان بها . مما يفتح المجال الحيوي أمام المملكة إلي المحيط الأطلسي غرباً ، والبحر الأبيض وشمال أفريقيا عن طريق الدول العربية علي الساحل الشمالي . مرة أخرى ماذا يعني هذا ؟ . انه يعنى اختزال كيان المملكة في جزء صغير منها ، إذا ما قارنا أطوال ساحليها الشرقي الغربي ، وانه يعني إلغاء بعد جغرافي كبير جداً وتضييق مجالها الحيوي إلي أضيق حدوده ، ومجال تأثيرها في حدود خليجية ضيقة ، في حين أن كل الدول الخليجية الستة الاخري لا تحتل من هذه الرقعة سوى الخمس من مساحته . فكيف نعرف هذا الكيان العملاق بأنه دولة خليجية ، ألسنا بهذا نغالط حقائق وثوابت الجغرافيا والتاريخ معاً ؟ ! .
والله من وراء القصد ,,,

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up