رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبدالله بن بخيت
عبدالله بن بخيت

حكاية حسن مع العربية

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

بثت العربية فيلما وثائقيا قصيرا عن حسن نصرالله زعيم حزب الله اللبناني. قدم الفيلم بداية حسن نصرالله وصعوده وعلاقته بإيران. حسب وجهة نظري مثل هذا الفيلم هو الاستراتيجية التي تسير عليها قناة العربية في مخاطبة مشاهديها.
لم أكن واثقا من استمرار العربية عندما انطلقت. كانت قناة الجزيرة تبسط سلطانها على الإعلام العربي. اتخذت الجزيرة من الطرقات المعبدة بالأيدلوجيات العربية طريقها. قضية فلسطين والعروبة والإسلام والجهاد وشتم إسرائيل وأميركا. لم تترك لغيرها من المنافسين إلا ذلك الفراغ الذي نسميه الواقعية.
لا أعرف هل اتخذت العربية هذا الطريق بحكمة مخطط لها أم اضطرارا؟ على أي حال لم تترك الجزيرة للآخرين سواه.
بهذا التوجه استطاعت العربية أن تخسر المؤدلجين بأطيافهم المختلفة. لا يمكن ان يلمس المتابع للعربية دفئا دينيا أو طائفيا أو قوميا، ولم تمِل ابدا إلى أي من نظريات المؤامرة حبيبة العقول العربية. هذا الحياد الجاف على ما فيه من عقلانية أثار جملة من المشكلات الأساسية جعلتها قناة غير محبوبة ولكنها الأكثر مشاهدة.
هذا التناقض يحله الذهن العربي المعتاد على المناكفة والبحث عن أخطاء خصمه بمتابعته، وبهذا توسع تأثير العربية حتى أصبحت القناة الأولى تقريبا.
المشكلة أن واقع العرب الذي اتخذته العربية مكانا تنظر منه للأحداث العربية يخلو تماما من كل اشكال السرور. هزائم فشل مظالم انهيارات. سياق كهذا لا يمكن أن تجعله مسرا إلا إذا غمسته في الأيدلوجيا.
إسرائيل تدك غزة، يموت الف فلسطيني مقابل إسرائيلي واحد. هذا الإسرائيلي الميت هو المجد المنتظر. تصبح المعركة متكافئة تحت شعار المقاومة والجهاد والشهداء وأبطال عزة القسام. هذه الموسيقى الطربية التي تعتمدها الجزيرة لترطيب القلوب تغيب عن تغطيات العربية.
أزالت الفاصل الموسيقي عن كوارث العرب الهادرة. تضع المايكروفون والكاميرا أمام الإسرائيلي الذي يتفرج على جيشه يدمر غزة وهو يرتشف قهوته المعتادة وتضع كاميرا اخرى أمام العائلة الفلسطينية المطحونة تحت الأنقاض.
عندما شاهد بعض السعوديين فيلم حكاية حسن قائماً على حقائق صرفة أصيبوا بالفزع. غابت عنه الموسيقى. (حسن نصر اللات وحزب اللات والصفوية وحسن زميرا) وغيرها من الجماليات التي لا يهضم العرب كوارثهم بدونها. بل إن بعضهم اعتبر الفيلم خيانة وانحيازا للعدو.
ذكرني فيلم حكاية حسن بفيلم العراب الذي يعتبر أعظم فيلم سينمائي شاهدته في حياتي. اثناء انغماسك في مشاهد الفيلم لا تملك إلا أن تعجب بزعيم المافيا. رجل عائلي وعاطفي وغاية في الدماثة ويملك قدرة كبيرة من الواقعية على إدارة الأعمال لا يعيب هذا الرجل إلا أنه مجرم يترأس عصابة من أخطر العصابات في التاريخ.
من صمم نص حكاية حسن وانتقى الصور أراد أن يقول إن نصرالله زعيم إيراني صاحب مشروع يهدف إلى ضم لبنان إلى ولاية الفقيه في إيران ولكن الواقع يقول إن حسن رجل ناجح يمتلك شعبية طاغية، وخطيب ومتحدث، ووسيم لا يعيبه إلا مشروعه، كما لا يعيب زعيم المافيا إلا نشاطه. نقلا عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up