رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

ما بين بابين.. !

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

أعلم - يا هداك الله -، وربما تعلم أكثر مني، أن كل الأديان والعقائد، بل وحتى الفلسفات الإنسانية الوضعية قد أعلت من مكانة الصدق، بل ورفعته على رأس القيم الأخلاقية. ولم يكن فلاسفة الإغريق - سقراط وأرسطو وإفلاطون - أول من حاول أن يضع الأسس العقلية ل (المدينة الفاضلة)، أو يحدد معايير الفضيلة وصفات الإنسان الفاضل النبيل. فهذا الإنسان، وهذه المدينة، ظلت هي حلم البشرية منذ أن خلق الله البشر - بل وغير البشر - على هذه الأرض. ما بين بابين ورغم اختلاف رؤى البشر ما بين من يدين بدين كتابي سماوي وعقائد غير سماوية مثل البوذية والكنفوشيوسية، وحتى تلك الوثنية التي تجسد آلهتها في عناصر الطبيعة من شمس وشجر وأصنام حجرية أو طواطم حيوانية، أو في أرواح الأسلاف، إلا أنها تجمع - بلا استثناء - على قيمة الصدق كواحدة، بل وأكبر القيم الأخلاقية. أتعرف يا هداك الله وإيانا - لماذا؟ لأن إغلاق المرء باب الصدق يدخله في باب أو يفتح في وجهه باباً آخر هو النقيض له، إلا أن ذلك الباب - أي عدم الصدق - يفضي إلى أبواب أخرى كثيرة، بينما الصدق يفتح باباً واحداً لا يضيع المرء فيه بين احتمالات كلها مزالق خطرة. فعدم الصدق يفتح باب الكذب. والكذب يفتح أبواباً كلها تفضي إلى الحجيم.. جحيم الدنيا والآخرة. فالكذب يفتح أبواب: الرياء، والغش، والمراء، والمداهنة، والتجسس، والتحسس، والنفاق، وترصد عورات الناس، وأخطاءهم، وغيرها من الصفات الذميمة والمكروهة والمذمومة. بينما يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم، مقابل ذلك (الصدق منجاة) لأن طريقه واحد، سواء في الدنيا أو الآخرة {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} كما قال سبحانه وتعالى وحين سئل صلى الله عليه وسلم إن كان المؤمن يسرق أو يزني قال نعم، يمكن أن يفعل المؤمن، ولكنه حين سئل إن كان المؤمن يكذب قال: لا. !

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up