رئيس التحرير : مشعل العريفي
 قينان الغامدي
قينان الغامدي

التنظيم السروري وزراعة العنصرية: الأنظمة تفك أسر المخدوعين

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

بعد أن نجح التنظيم السروري وصحوته المزعومة في تكريس الطائفية والمذهبية ضد الشيعة والمذاهب الإسلامية السنّية الأخرى، وأتباع الديانات السماوية، وبثّ الكراهية بين أبناء الوطن «إسلامي، غير إسلامي» مع ما تبع ذلك من تفسيق وأحيانا كثيرة التكفير، بعد أن حقق التنظيم كل ذلك، انتقل إلى الفن، فحرّمه بكل صوره «مسرح، سينما، موسيقى، غناء، تشكيل....إلخ»، وتبعا لذلك ماتت أو كادت أن تموت تلك الفنون في الداخل، وأصبح شبابنا الموهوبون يفوزون بجوائز عربية وعالمية خارج الوطن، في المسرح والسينما والتشكيل، بينما لا يستطيعون عرض أعمالهم داخل الوطن، ونظرا لتحريم الموسيقى، كان السروريون يقيمون حفلات تكسير الآلات الموسيقية، واستتابة الفنانين ولاعبي كرة القدم، والمفحطين والدرباوية، من الشباب الأغرار، وتقديم بعضهم كقدوة، ودفعهم إلى المقدمة حتى أصبح بعضهم بين عشية وضحاها من مشاهير من يسمون دعاة وطلاب علم. وتأسيسا على تحريم الفنون، خاصة الموسيقى، ولدت في أذهان رموز التنظيم فكرة إحياء الشيلات، وهي فن قديم معروف، لكن إحياءها هذه المرة بدأ بتسجيلات سموها دعوية، وهدف هذه الشيلات الدعوية هو إقناع أتباع التنظيم المخدوعين أنه يمكن أن نغني بعيدا عن الموسيقى المحرمة!. وفعلا انتشرت هذه الشيلات، وأصبحت تقام لها الحفلات ويحضرها الرجال والنساء في المناسبات، ثم تطور الحال فصارت الشيلات تجارة، وانتقلت من حضن التنظيم إلى أحضان القبائل التي وجدت فيها فرصة لإرضاء رموز الصحويين من جهة، وميدانا خصبا للتفاخر من جهة أخرى، وتبع ذلك -ومن خلال هذه الشيلات- تم إحياء العنصرية القبلية، حيث صار منشدو الشيلات يرددون مدائح في هذه القبيلة التي استأجرت المنشد، ويهمز قناة القبيلة الأخرى، من خلال استنبات ثارات الماضي، ومفاخر الحروب والثارات والألقاب التي كانت قبل توحيد المملكة، وهذا الأسلوب لا شك كان وما زال له أكبر الخطر على الوحدة الوطنية، إذ إنه كرّس وما زال يكرس الانتماء إلى القبيلة، وتناسى الانتماء إلى الوطن، وهذا تماما هو مشروع التنظيم السروري، فهو يلغي الوطن ويكرس مفهوم الأمة، والعنصرية القبيلية تكرس مفهوم القبيلة، والقبائل العربية لها امتداداتها في دول الجوار وبعضها في الوطن العربي كله، وهذا ما توهّم «تنظيم الحمدين» أنه يمكن استغلاله لخدمة هدفه، والكل يتذكر زيارة «حمد الكبير!» لقبيلة بني تميم في المملكة منذ سنة أو أكثر قليلا!، وأنا أعرف تماما -وبكل ثقة- أن القبائل في المملكة ذات انتماء وطني أصيل، وولاء مطلق للقيادة السعودية، ولو علمت أي قبيلة أنها يمكن أن تُستَغل من تنظيم سياسي مشبوه للإضرار بالوطن، فإنها لن تفعل، لكن للمهارات الخبيثة التي يستخدمها التنظيم السروري، ولم يتوقف الأمر هنا، بل امتدت العنصرية إلى المدن عبر تصنيف كل مدينة، فهذه مدينة صلاح وتقوى، وتلك مدينة فسق وفجور، وكأنها ليست جميعا مدنا سعودية تحت حكم واحد، وتطبق نظاما واحدا! ما سُمي الصحوة التي قامت على أكتاف التنظيم السروري، أصبحت الآن في مرحلة الأفول ظاهريا، لكن الحقيقة -وكما أعتقد- أنها في مرحلة كمون!، خاصة منذ أن سقط تنظيم الإخوان في مصر، ثم وُضع التنظيم الذي يعد «الأم الرؤوم للسرورية» ضمن التنظيمات الإرهابية، ثم وأخيرا الفضيحة الكبرى لتنظيم الحمدين. فمنذ أن بدأت هذه الأزمة صَمَت رموز التنظيم السروري داخل المملكة صَمْت القبور، إذ عرفوا أن أمر التآمر على وجود الكيان السعودي انكشف، ولم يعد هناك مجال للاستمرار في هذا التآمر، فالضربة السعودية تأتي بعد صبر طويل، لكنها تكون قاضية!. وسواء كان ما سُمي الصحوة السرورية، في مرحلة أفول أو كمون، فإننا الآن في مجال العنصرية بالذات نجني الثمار المُرة لما زرعه هذا التنظيم، والمشكلة ليست في أتباعه الذين تناقصوا بسرعة، حيث وعوا وانتبهوا، وإنما المشكلة في المجتمع كله، فتلك المفاهيم التي تكرست على مدار أكثر من ثلاثة عقود تأثر بها الجميع، حتى أولئك الذين كانوا يصنفون صحويا بأنهم غير إسلاميين في مجتمعنا، تأثروا بأفكار التنظيم، وما زالوا -إما عن قناعة أو تحت ضغط- بيئة محيطة أو منزلية، ما زالوا يرددون الأفكار والألفاظ العنصرية ذاتها التي كرّستها العقود الماضية في البيئة الاجتماعية، خاصة عند النساء!. إن الأفكار والألفاظ العنصرية الشائعة، لن يردعها الوعظ، ولا التوعية، فالوعي لا يولد هكذا من الهواء أو تحت تأثير الكلام، مهما كان. الأنظمة الصارمة التي تجرم كل فعل أو قول عنصري، والعقوبات القانونية الرادعة، هي التي تردع العنصرية وتؤدب العنصريين، والأنظمة المطبقة بدقة وحزم هي التي مع مرور الزمن تولّد الوعي، وهذا ما نلاحظ، أنّ حكومتنا تمضي نحو تشريعه لحماية الوحدة الوطنية، وكف أذى الجهلاء والسفهاء وعن الناس، وإيقاظ المخدوعين من سبات تسليم عقولهم لشيوخهم الضالين!. وغدا نكمل. نقلا عن الوطن

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up