رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

العروة الوثقى...مصدر قوتنا الحقيقة !

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ما لا تستطيع فهمه ، وإذا فهمته لا يسعك غفرانه ـــ بالطبع إلا بعد الرجوع عن الخطأ ــ ، هو سقوط بعض المثقفين العرب والكتاب.والمسلمون الذين يبتلعون هذا الطعم السام المدسوس في رسم الوصفات العلاجية التي يطرحها بين يدين هذا البعض من المستشرقين والباحثين الغربيين ، فيما يزعمون بأنهم يقومون بعملية تحليل علمي موضوعي ومحايد للمشاكل التي تعاني منها مجتمعاتنا ودولتا ، بغباء أعمى.فنجدهم مثل الببغاوات يرددون المصطلحات الغربية مثل (( الحداثة )) و((الديمقراطية)) و (( حقوق المرأة )) و (( الطفل )) وما إلى ذلك ، دون أن ينتبهوا إلى أن هذه المصطلحات ليست عملية بمضامينها و بصورة مطلقة وشاملة ، وإنما هي تحمل في جوفها مفاهيم محددة. وهذه المفاهيم ليست كونية.أنها مستخلصة ومستصفاة من تجارب إنسانية، يعد دراسة موضوعية لتجارب مجتمعية خاصة ومحددة.وبالبداهة أن تجربة هذه المجتمعات الغربية ليست بالضرورة وحتمياً يجب أن تتماثل مع تجارب المجتمعات الأخرى ، وبالتالي فإن ما يستخلص من تجارب هذه المجتمعات الغربية ، لا يمكن ولا يجب ولا ينبغي أن ينطبق على المجتمعات الأخرى ، ذات التجارب المختلفة، بل والمناقضة والمضادة لها في حال بعض المجتمعات.بعض المثقفين والكتاب العرب يجلسون في مقاعد الدرس أمام الأستاذ الملصق الغربي ، وينفس الطريقة التي كانوا يجلسون بها أمام معلمهم في الابتدائية بامتثالِ تام ، يحفظوا عن ظهر قلب ما يلقنهم المستشرق أو الباحث الغربي كل شيء عن حياتهم وذواتهم ، بدءً من ما يأكلون ويلبسون ويشربون انتهاء بما يجب أن يترسخ في أعماقهم من عقيدة وفكر وذائقة جمالية، بل ويلقنهم كيف يفكرون وفيم يفكرون.وما أن يحفظ أحدهم بضع مصطلحات وجمل مختزلة و مقتطعة من سياقها العام، وشيء من أفكار لا جذور لها أشبه بالبالونات الملونة المعلقة في الهواء ، حتى يسارع إلى تسويد الصحائف وزحم الفضائيات واعتلاء المنابر ناثراً على الخلق بضاعته بثقة من أوتي الحكمة وفصل الخطاب.مثل هذا المثقف العربي هو حصان طروادة الغربي بشحمه ولحمه ، وعظمه أيضاً.الكارثة الحقيقة من أمثال هؤلاء هي أنهم يشكلون أمضى وأخطر أدوات الغزو الفكري والثقافي.لأنهم يغزون مجتمعاتنا من الداخل بالوكالة عن الغازي الأجنبي الذي أعياه غزونا من الخارج ، أعني غزو ذواتنا والسيطرة على ارداتنا طالما نحن مستمسكون بثوابتنا، وهي عروتنا الوثقى التي لا انفصام لها.يستطيع الأجنبي الآن أن يغزو أرضنا ويحتلها بقوة السلاح.ولكنه سيعجز عن احتلال إرادتنا على المقاومة طالما حن مستمسكون بهذه العروة الوثقى.وحين يعجز عن تجريدنا من مصدر قوتنا الحقيقة، يقوم هؤلاء العرب الغربيون بدس سمومه في قلوبنا وعقولنا ، إلى بغزونا من الداخل نيابة عنه حتى نتخلى عن عروتنا الوثقى فتنبهم علينا الطرق وتضل أقدامنا ونضيع .. وحينها يسهل احتلال دواخلنا التي أُفرغت من ثوابتها فغذت خاوية ، ونحن غثاء سيلِ لا يرحمن يأخذ حيث شاء.فماذا نحن فاعلون؟.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up