رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

إجازة في السجن

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ليس لدي مشكلة في البقاء وحيداً لعدة ساعات، بل ولعدة أيام لو أن الأمر تطلب ذلك، لكن بشرط أن يكون ذلك برغبتي ومزاجي؛ لأنني بطبعي أحب الوحدة. لكن لا أتخيل يوماً أن أدخل السجن مرغماً؛ لأنه لو تم ذلك فلا شك أنني سوف «أفطس» خلال ساعات لا خلال أيام. وذهلت عندما عرفت أن عدد السجناء في أميركا هم في حدود (2.23) مليون – أي أكثر من المهندسين البالغ عددهم (1.53) مليون، ومعلمي الثانوية (1.05) مليون –. وفي الوقت الذي تسعى فيه الكثير من الدول بناء المزيد من السجون لعدم كفايتها أمام تعدد الجرائم، وزيادة أعداد الخارجين عن القانون، فإن في السويد مثلاً أخذ شكلاً معاكساً تماماً. فمع الانخفاض الملحوظ (6 في المائة) في عدد السجناء خلال عامين ماضيين، قررت الدولة الإسكندنافية إغلاق أربعة سجون، ومركزاً واحداً للحبس الاحتياطي. وفي الوقت الذي بدأ فيه منتظراً تواصل انخفاض عدد السجناء في السويد خلال السنوات المقبلة، فإن الدعوات تعالت في الولايات المتحدة بضرورة الاستفادة من تجارب الدول الأوروبية التي تعامل السجناء بطريقة أفضل، وتمنحهم المزيد من الخصوصية. وعرفت أن متوسط السجناء في أميركا هو (716) لكل مائة ألف شخص، وفي الصين (121) لكل مائة ألف شخص، في حين أن أقل نسبة مساجين في العالم هي في هولندا، وذلك بمعدل (57) لكل مائة ألف شخص، إلى درجة أن سجونها أصبحت شبه فارغة؛ مما دعاها إلى تأجير بعضها. وقد استغلت بعض السجون في إقامة اللاجئين، كما تم تحويل سجن «روبرموند» إلى فندق فاخر خارج العاصمة (أمستردام) وتعمل غرف نزلاء السجن السابق بمثابة غرف فندقية الآن مع وضع لمسات حديثة ومطورة عند مداخل الغرف التي لا تزال تشبه أبواب الزنزانات. وفي الإجازة عندما ذهبت قبل مدة إلى أمستردام، وسمعت عن ذلك «السجن» الذي تحول إلى فندق، ما كان مني بعد وصولي بيومين، حتى حجزت فيه «زنزانة» – أقصد غرفة – صحيح أنها صغيرة، لكنني استمتعت فيها أيّما استمتاع، متخيلاً من كان قاطناً فيها، قبل أن يتحول السجن إلى فندق، هل كان سعيداً فيها يا ترى مثلما أنا الآن؟! وأذكر أنني تقابلت بالصدفة في الشارع مع رجل أعرفه، وبعد حديث قصير سألني: أين تسكن؟... فقلت له: في سجن «روبرموند»، فتراجع للخلف وهو يحدق بي، فأقسمت له بذلك، فقال: هل أنت مسطول، أم مجنون، أم أنت تلعب بعقلي؟! وخوفاً من أن يرميني بكلام أكثر من ذلك شرحت له الموضوع، والحمد لله أنني خرجت سليماً بعد أن شاهدته يبتسم على خفة عقلي. نقلا عن الشرق الاوسط

arrow up