رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

اللا مركزية هي الصيغة الأنسب.. ولكن كيف!؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

أعتقد أن (المركزية) الصارمة التي نتبعها حتى الآن في إدارة شؤون المواطنين لا يمكن أن تكون هي الصيغة المثلى، فلا كيان المملكة بالحجم الذي يمكن إدارته مركزيا، ولا عدد سكانها بالعدد الذي يمكن تلبية كافة احتياجاتهم الضرورية بهذه الصيغة المركزية. هناك صيغ عديدة لتحقيق اللا مركزية التي تهدف في النهاية إلى تقليص الظل الحكومي، وإشراك المواطنين في إدارة شؤون حياتهم اليومية. إلا أن الصيغة التي اختارها ولاة الأمر والمتمثلة في نظام مجالس المناطق تظل هي الصيغة الأكثر ملاءمة لمجتمعاتنا وفي هذه المرحلة بالذات، وفي المستقبل المنظور. إلا أن الوقت قد حان، فيما نظن، لأن تطور هذا النظام بما يلبي احتياجات المجتمع والدولة معا، ويمكننا من مواجهة تحديات المرحلة والمستقبل. فحين تضع في الاعتبار أن عدد طلاب مراحل التعليم الأساسية من الجنسين في المملكة مثلا، يفوق عدد إجمالي مواطني بعض دول الخليج العربية، ويفوق عدد نظرائهم في هذه الدول بأكملها، وحين تضع في الحساب حجم المساحة بالمملكة، ستجد أنه من الصعب أن يشرف وزير التعليم من مكتبه في الرياض على شؤون الطلاب بهذا المرحلة في خميس مشيط ونجران والأحساء وحفر الباطن وعرعر والقريات وتبوك والمدينة المنورة بشكل جيد. وأن مكاتب الوزارة في المدن الكبرى بالمناطق لا تستطيع أن تفعل شيئا مفيدا طالما هي منزوعة الصلاحيات، طالما هذه الصلاحيات تتمركز في رئاسة الوزارة بالعاصمة، إذ إن هامش حرية اتخاذ القرار يظل هامشيا وبلا جدوى حقيقية أمام هذه الفروع. لذا أقترح أن تلعب مجالس المناطق دور الحكومات المحلية في مختلف المناطق، وبنفس التقسيم الإداري الحالي للمملكة، ولا يهم الاسم الذي سنطلقه على هذه الحكومات المحلية، وإنما يجب التركيز على الصلاحيات الممنوحة لها، وهامش حرية اتخاذ القرار المتاح أمامها. هذا الذي قلناه لا يقتصر على التعليم فحسب، بل يشمل كافة الخدمات التي تقدمها الدولة لمواطنيها مثل الصحة والرعاية الاجتماعية وغيرها من الخدمات. وحتى تؤدي هذه اللجان عملها بالصورة المطلوبة فإنها يمكن أن تكون تحت الإشراف المباشر لأمراء المناطق الذين يرأسونها كحكومات محلية، مع التوسع في اختصاصاتها، وضم كافة المؤسسات التي يدخل عملها أو يتداخل مع صلاحياتها ومجالات عملها. أما الوزارات المركزية ذات العلاقة بعمل هذه اللجان فيمكن أن يكون داعما وراعيا لها، دون أي تدخل مباشر في أعمالها وخططها وبرامجها، إلا ما اتصل منها بالخطط والبرامج الاستراتيجية العامة للدولة. والله من وراء القصد.

arrow up