رئيس التحرير : مشعل العريفي

عبدالحميد العمري يضع 4 شروط لنجاح برنامج الإصلاح الإقتصادي في المملكة

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

صحيفة المرصد:ناقش المحلل الإقتصادي عبدالحميد العمري آليات وشروط نجاح مشروع الإصلاح الإقتصادي الذي تتبناه المملكة في الوقت الحالي.
وأشار في مقاله المنشور في صحيفة "الإقتصادية" تحت عنوان "ديناميكية لازمة لأي برامج اصلاح"إلى أن الإصلاحات الاقتصادية تستهدف الإجراءات والسياسات الواجب تنفيذها في ضوء تجربتنا التنموية الراهنة، الوصول المتدرج نحو تحرير الاقتصاد الوطني والدفع بصورة أكبر على مستوى تنويع قاعدته الإنتاجية.
وأضاف: هذا الاعتماد الأكثر إفراطا على التحفيز والدعم الحكوميين المرتبطين بخفض أسعار الاستهلاك المحلي لموارد الطاقة باختلاف أنواعها "سكني، تجاري، صناعي"، الذي عانى طوال عقود مضت كونه معمما؛ لا يفرق بين مستحقيه من غير مستحقيه، ما أدى إلى:
(1) ارتفعت فاتورته الباهظة على كاهل الاقتصاد الوطني عاما بعد عام، إلى أن تجاوزت خلال الأعوام الأخيرة 300 مليار ريال سنويا. (2) إنه رغم تكلفته الباهظة تلك؛ اتجهت أغلب فوائده بما يتجاوز 80 في المائة منها، نحو الشرائح الاجتماعية والقطاعات الأقل استحقاقا لها، مقابل استفادة محدودة جدا للشرائح الأكثر استحقاقا. (3) أدى استدامة هذا التشوه وغيره من العوامل الأخرى عبر عقود طويلة، إلى مزيد من تفاوت أو تباين مستويات الدخل بين شرائح المجتمع، صبت فوائدها بصورة أكبر في حسابات الشرائح الأقل حاجة، مقابل تحمل الشرائح الاجتماعية المستحقة لكثير من الآثار التضخمية الكأداء.
وأكد بأنه لم تستطع التعويضات والزيادات في الأجور طوال الفترة الماضية امتصاصها. كل تلك الأسباب وغيرها، وقفت وراء ضرورة إعادة النظر من جديد وبصورة جادة في جدوى هذه الآلية، والعمل على صياغة أفضل تأخذ بعين الاعتبار كل تلك الأبعاد والعوامل.
وأشار إلى أن أي إصلاحات للاقتصاد ستترك آثارا عكسية في كل من الاقتصاد والمجتمع، خاصة إذا علمنا أن تنفيذ تلك الإصلاحات اللازمة سيأتي خلال فترة زمنية وجيزة جدا، مقارنةً بنحو نصف قرن مضى على الوتيرة التي اعتاد اقتصادنا العمل عليها. أيضا في جانب آخر؛.
وتابع بقوله: يعني كل ذلك؛ مشاهدة مزيد من الضغوط الاقتصادية ستفوق مستوياتها السابقة أخيرا، التي يجب ألا تثني عن المضي قدما في طريق الإصلاح الاقتصادي الراهن، وأن الخيارات الأخرى المتاحة، التي يمكن لها أن تسهم في تخفيف تلك الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، وزيادة الاعتماد على توسيع العمل بها وتكثيفه متى اقتضت الحاجة إلى ذلك.
وأضاف: تأتي هنا أهمية أن تتسم برامج الإصلاح والتغيير بالديناميكية والمرونة، التي تكفل لها سرعة التكيّف مع أي مستجدات معاكسة أو غير محسوبة سابقا، وبما يكفل أيضا المحافظة على المكتسبات الراهنة، وفي الوقت ذاته يحمي مقدرات الاقتصاد الوطني والمجتمع من تفاقم أي آثار سلبية لم تكن في الحسبان، . ولذلك ينبغي في ضوء ما تقدم، التركيز بصورة أكبر على عديد من العوامل والمؤشرات في هذا السياق، لعل من أبرزها ما يلي: (1) المتابعة المستمرة لمعدلات النمو الحقيقي للاقتصاد الوطني، والقطاع الخاص تحديدا، والربط بين تلك المعدلات من جهة، ومن جهة أخرى تطورات معدل التضخم، وألا يسمح للأخير بأي حال من الأحوال أن يتجاوز نمو الاقتصاد لأكثر من ربعين على أبعد تقدير، لما في ذلك من أضرار جسيمة على الاقتصاد الوطني. (2) المتابعة المستمرة لمعدل البطالة، والعمل على معالجة أي ارتفاع قد يطرأ عليه، إما نتيجة ارتفاع وتيرة استغناء منشآت القطاع الخاص عن العمالة الوطنية، أو لضعف توظيف طالبي العمل من المواطنين والمواطنات، وهو التحدي الأثقل وزنا دون أدنى جدال أمام راسمي برامج الإصلاح والسياسات الاقتصادية محليا. (3) تحسين كفاءة حساب المواطن، الذي يستهدف تقديم الدعم النقدي الشهري والمباشر لأفراد المجتمع المستحقين وفق ما أعلن، بهدف امتصاص الآثار التضخمية المتوقعة والمذكورة أعلاه. (4) زيادة زخم دعم منشآت القطاع الخاص خلال الفترة القادمة المتزامنة مع تنفيذ إصلاحات الاقتصاد، التي تم تخصيص موارد مالية ضخمة لأجلها وصلت إلى نحو 200 مليار ريال، حسبما أعلنته وزارة المالية مطلع العام المالي الجاري. وعلى أنه يؤمل فعليا نجاح تلك الإجراءات الهادفة لتخفيف الضغوط على كل من الاقتصاد والمجتمع على حد سواء، والمساهمة في امتصاص أكبر قدر ممكن من الآثار العكسية المحتملة، إلا أنه يجدر الاهتمام والتفكير في زيادتهما متى تطلب الأمر.
واختتم مقاله مؤكدا بأنه لا بد من التفرقة تماما بين زيادة الضغوط على الاحتكار ومخزني الثروات في الأصول المختلفة، خاصةً الأصول العقارية كالأراضي البيضاء، وأنه يعد أمرا مطلوبا بالدرجة الأولى، بل يعد توجها صحيا إلى حد بعيد.
ويجب تخفيف الضغوط والقيود على المنتجين والقطاعات الاقتصادية التي توظف وتشغل رؤوس أموالها، وضرورة تحفيزها قدر الإمكان، كونها المرتكزات التي ستدفع بالنمو الحقيقي للاقتصاد الوطني، التي سيؤدي نموها إلى زيادة توظيف العمالة الوطنية، وتحسين مستويات دخل الأفراد، وكونها أولا وآخرا تمثل الهدف النهائي لبرامج الإصلاح والتطوير المتمثل بتنويع قاعدة الإنتاج المحلي، وكل هذا لن يتأتى إلا بمزيد من محاربة الاحتكار وتكديس الأموال في أصول غير منتجة، وتحفيز أكبر للإنتاج والتشغيل بكل أشكاله. والله ولي التوفيق.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up