رئيس التحرير : مشعل العريفي
 قينان الغامدي
قينان الغامدي

حق طبيعي للمرأة حان وقته: قيادة طموحة ووطن يستحق

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

شكرا لقيادتنا الواعية الطموحة، وهي تقود سفينة الوطن بجسارة ووعي نحو مستقبل حضاري إنساني يقفز في ميدان التحضر والتطور الذي يستحقه، دون أن يفقد ثوابته الراسخة
منذ صدور أمر الملك سلمان بالسماح للمرأة بقيادة السيارة مساء أول من أمس ووسائل التواصل وبعض الشاشات، تبحث في أبعاد القرار من النواحي النفعية اقتصاديا واجتماعيا، مع شبه اتفاق عام على أنه قرار تاريخي، وفي نظري هو لا شك قرار تاريخي، وقد نتفق أو نختلف حول كونه تأخر أو جاء في وقته، لكنه حقا قرار تاريخي ومتوقع، إذ لم يكن معقولا ولا مقبولا، لا عقلا ولا شرعا ولا عرفا، أن تظل المملكة متفردة بين دول العالم بمنع المرأة من حقها الطبيعي في قيادة السيارة!!.
وحين أقول (حقها الطبيعي!) فإنني أريد القول إن الأمر الملكي جاء لتأييد حق، والسماح للمرأة بممارسة هذا الحق، بغض النظر عن أية أبعاد أخرى نفعية، فمثلما أن قيادة المركبة حق للرجال فهي كذلك للنساء، ومثلما يحدث في عالم الرجال الآن سيحدث في عالم النساء مستقبلا، فهناك رجال يجيدون قيادة مركباتهم، لكن بعضهم يستخدم سائقا أو أكثر، وهذا ما سيحدث في عالم النساء، فبعضهن ستجيد قيادة مركبتها، لكنها ستستخدم سائقا أو أكثر، والسائقون لدى العوائل السعودية الآن، ليسوا كلهم بسبب أن المرأة محرومة من حقها في القيادة فقط، وإنما لأن لهم حاجة في خدمات أسرية أخرى، ولأن هذه الأسر مقتدرة ماديا، ولذا فمناقشة السماح للمرأة بممارسة حقها في قيادة المركبة، من جوانب نفعية، سواء اقتصادية أو اجتماعية، غير ذي شأن في نظري، حيث قد تكون له فوائد اقتصادية واجتماعية، وقد لا تكون، لكن الأساس في الأمر أنه حق طبيعي، سواء له فوائد أو من غيرها، فهو حق لا يختلف عن الحق الذي يمارسه الرجال بفوائده وأضراره!!.
لماذا تأخر إعطاء هذا الحق حتى الآن؟! السبب في نظري، أن مجتمعنا السعودي، شهد فجوة تقسيم حدثت بسبب ما سمي (الصحوة) خلال الأربعين سنة الماضية، فأصبح أي مطلب اجتماعي أو قرار حكومي مثار أخذ ورد وجدل طويل لا فائدة منه، بل إنه تسبب في تعطيل التنمية، وذاكرتنا الوطنية حافلة بمواقف وصل بعضها إلى رفع الصوت على منابر مساجدنا وفي المحاضرات والأشرطة والمطبوعات، ابتداء ببطاقة الأحوال للمرأة، ومرورا بافتتاح كليات صحية للبنات، وحضور الستلايت، وجوال الكاميرا، وقرار توظيف النساء في الأسواق، وقرارات تطوير المناهج الدراسية، وتعيين ثلاثين امرأة في مجلس الشورى، و....و.....الخ، ولعل الكل يتذكر أن البعض شكلوا مجموعات تجمهرت أمام مكاتب بعض الوزراء، بل وأمام الديوان الملكي في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز!!.
لم يحدث أي ضرر اجتماعي جراء اتخاذ وفرض هذه القرارات كما كان يتوهم أتباع ما سمي بالصحوة، تلك الصحوة التي أقامها التنظيم السروري لبسط النفوذ الاجتماعي وممارسة عمل رموزها السري تحت غطاء التقوى والتحريم!!
هذا هو في نظري سبب تأخير السماح للمرأة بممارسة حقها في قيادة المركبة، حيث إن ولي الأمر، وهو يرى بوعي وعين فاحصة كل الحراك الاجتماعي في الوطن، رأى أن يؤخر القرار حتى لا يتسبب في أي صدامات أو مشاكل، أما وقد صدرت رؤية 2030، وأصبح ما سمي الصحوة في مرحلة أفول، وقال سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: إن ما حدث خلال الأربعين سنة الماضية وعطل التنمية لن يعود!!، هذا القول التاريخي لولي العهد الشاب فتح آفاق المستقبل أمام شعب يطمح أن يعيش كغيره من شعوب الأرض المتحضرة. ومن هنا، فقد أعطيت الفرصة لصوت العقل الشرعي وفقه الواقع الذي تتمتع به هيئة كبار العلماء، أقول أعطيت الفرصة للهيئة، فكان قرارها الاستشاري الشرعي، الذي استند إليه ولي الأمر وأصدر أمره التاريخي بالسماح للمرأة بممارسة حقها في قيادة المركبة!!.
تبقى بعض التفاصيل التي أتصور أن الأشهر العشرة القادمة كفيلة بتغطيتها، وهي تفاصيل بسيطة، ولعل أهمها أن من لا تجيد القيادة من النساء أن تذهب لمدارسها المختصة لإتقانها، أو مع أقاربها، لتتأهل لنيل رخصة القيادة!!.
شكرا لقيادتنا الواعية الطموحة، وهي تقود سفينة الوطن بجسارة ووعي نحو مستقبل حضاري إنساني يقفز في ميدان التحضر والتطور الذي يستحقه، دون أن يفقد ثوابته الراسخة!!.
نقلا عن "الوطن"

arrow up