رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

العيشة المطيّنة

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

من الممكن أن ينغلق عليك باب الحمام ولا تستطيع فتحه، ومهما ناديت وصرخت فلن يسمعك أحد لأن أهل بيتك في الخارج.
أو قد يتوقف بك المصعد، وتظل محبوساً داخله ساعة أو أكثر إلى أن يتمكن المهندس من إصلاح عطله. كل هذه الأمور مفهومة، ولكن غير المفهوم أو بمعنى أصح غير المتوقع أن تعلق بحفرة طينية! والذي علق ليس هو أنا ولله الحمد، ولكنها امرأة كندية ذهبت تتنزه على قدميها مع كلبها في أحد الأرياف، وكانت بين الحين والآخر ترمي له بطبق طائر فيلحقه ويقفز ويمسك به بفمه ويأتي به لها.
وفي إحدى المرات، قذفت بالطبق بعيداً، وانطلق الكلب الأهبل يسابق الريح لالتقاطه، وإذا به يعلق بأرجله في الطين، وبدلاً من أن تستنجد بأحد لمساعدتها لإنقاذه، قررت الغبية أن تقوم بذلك وحدها، وما أن وصلت إليه حتى غاصت بقدميها وأطبق الطين عليهما وكأنه الصمغ.
وأنقذوها بعد أن مكثت هي وكلبها من العاشرة صباحاً حتى الحادية عشرة مساءً، وتم نقلها إلى المستشفى.
وهذه المآزق لا تعرف كبيراً من صغير، فها هو رئيس وزراء بريطانيا السابق (ديفيد كاميرون)، عندما كان في زيارة إلى مزرعة قرب المنزل الذي يقضي فيه عطلة نهاية الأسبوع، سمع ثغاء نعجة ملتصقة بالطين.
وبحكم أنها من رعاياه، ما كان منه إلا أن يخوض بالطين بكل شجاعة وشهامة، ببنطلونه الجينز وحذائه المطاطي، وما إن وصل إليها وأمسك بها لينتزعها، إذا به هو لا يستطيع أن ينتزع حتى نفسه، ناهيكم بها. حاول وعافر ونادى دون جدوى، ومن حسن حظه أن تليفونه المحمول كان معه، لهذا اتصل بحراسه. وبعد محاولات مجهدة، استطاعوا إخراجه مع النعجة.
ومثلهم في حادثة (طينية) كنت شاهداً عليها في القصيم، عندما ذهبت لزيارة صديق في مزرعته التي مديرها مهندس زراعي كبير السن من لبنان الشقيق. وبينما كنا ساهرين، أستأذن المهندس قائلاً: تصبحون على خير، وخرج. وبدلاً من أن يذهب إلى مقر نومه، ذهب يتفقد أحد (الرشاشات) لأن به خللاً يريد إصلاحه، فعلقت قدماه بالطين. ومن غلطته أنه مد يديه في الطين لتساعده في انتزاع قدميّه، وإذا بهما تعلقان كذلك، وأصبح شكله كحرف (C) بالمقلوب. كانت سيارته بعيدة، والمنطقة ليس فيها (صرّيخ ابن يومين) - خصوصاً أن الوقت هو منتصف الليل - ولم يفطن له إلاّ أحدهم حينما كان ذاهباً لصلاة الفجر، عندما شاهد سيارته متوقفة ليس فيها أحد.
واستدعى بعض العمال، ووصلوا إليه وهو في الرمق الأخير من الخوف والبرد والعطش والبهدلة، وبقي المسكين بعدها أكثر من أسبوع وهو طريح الفراش.
نقلا عن "الشرق الأوسط"

arrow up