رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

ساعة مع {مزيّنة تجميل}

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

حضرت مناسبة مختلطة، وكانت تجلس في مكان غير بعيد عني (مزيّنة تجميل) من بلد عربي شقيق، ولا أدري كيف جرّ الحديث بعضه، فسألتها عن بعض خبايا عملها.
فقالت: إن عملي (بالمكياج) يتطلب مني أن أتابع كل المستجدات العالمية، وأن أكون دارسة جيدة لكل الملامح والشخصيات والنفسيات، لأن الشغلة ليست هي (خذني جيتك) أو (سلق بيض)، لا أبداً، إنها فن وتركيز وإرهاق، ولا بد أن تخرج الزبونة من تحت يدي وهي (تصهلل).
فقلت لها: أعجبتني كلمة الصهللة التي ذكرتيها.
فقالت: (ميرسي)، الحمد لله أن زبوناتي قد ينتظرن بالساعات حتى يأتي دور الواحدة منهن، ولا أذهب إلى سريري إلاّ بعد أن ينهدّ حيلي.
الواقع عطفت وأشفقت عليها من هذا التعب الذي تكابده.
فسألتها عن مدى الحركة الموسمية في هذه الأيام! فقالت: إنها لا تتوقف، بل إن خطاً جديداً قد دخل على عملنا الآن، فنحن لا نكتفي بمواسم الأعراس، بل أصبح الآن عندنا كذلك مواسم (الجنائز) – الحقيقة أنني ما إن سمعت كلمتها الأخيرة حتى اقشعرّ بدني، وعرفت أنها لم تحسن التعبير، فقلت لها مصححاً: هل تقصدين مناسبات (العزاء)؟!، فقالت: إيه، إيه مناسبات العزاوات.
تعجبت من ذلك قائلاً لها: إنني أفهم وأستوعب أن المرأة تأتي لكي (تتمكيج) لتظهر في أجمل صورتها، ومن العيب أن تتزين وهي ذاهبة للعزاء؟!، ويبدو لي أنها استسخفت كلامي، لأنها أخذت تضحك وهي تقول لي: إن طريقة المكياج للعرس تختلف جداً عن طريقة المكياج للعزاء، هل فهمت؟!
أجبتها: لأول مرة أعرف ذلك، فزيديني فهماً.. زيديني الله يرضى عليك. فقالت، وبقايا الضحكات ما زالت تتخلل كلماتها: إن وجه المرأة يا (مسيو) عالم بحد ذاته، المهم من هي الذكية التي تكتشفه؟!
فمكياج (الجنائز) – قاطعتها مرة ثانية مصححاً لها هذه الكلمة – فقالت: (بردون) أقصد العزاوات، فالمرأة التي تأتي أعاملها بطريقة مختلفة، فسألتها: كيف؟!، قالت: المكياج يجب أن يكون من الألوان المطفية، مع إخفاء البروز على الوجه، مع مسحة من اللون الأصفر، دون الاهتمام بالكحل على العينين، وعدم استعمال (الروج) الأحمر على الشفتين، ويستحسن تبييضها قليلاً، لتبدو المرأة من شدة حزنها كأن الدم قد نشف في عروقها.
سكتت قليلاً ثم التفتت لي قائلة: هل تصدق يا (مسيو) أن عملي في وجه امرأة ذاهبة إلى عزاء هو أصعب كثيراً من مكياج المرأة الذاهبة إلى عرس؟!
عندها وقفت وشددت على يدها مصافحاً، وأنا أشكر لها إعطائي هذا الدرس الرائع الذي أتحفتني به – انتهى.
هذا هو الذي جرى بيننا باختصار ومن دون تفاصيل.
نقلا عن "الشرق الأوسط"

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up