رئيس التحرير : مشعل العريفي
 قينان الغامدي
قينان الغامدي

شرطة مرورية للنساء فقط براءة الذئب من دم يوسف

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

«الشوفينية!» يجب علينا كسعوديين أن نهيل عليها التراب، ونعي أننا حلقة صغيرة في منظومة عالمية، وعلينا أن ننسجم مع هذه المنظومة بما لا يتعارض مع نصوص كتابنا الكريم
تصدر موضوع أمر الملك سلمان بإعطاء المرأة حقها الطبيعي في قيادتها للسيارة وسائل الإعلام العالمية، وبقي حدثا يستحق الإبراز والنقاش في تلك الوسائل، ولا شك أنه جدير بالاهتمام والمتابعة والنقاش، كونه مطلبا قديما جدا، ولأن المملكة كانت البلد الوحيد الذي يحرم المرأة من هذا الحق الطبيعي!!.
ومنذ صدور الأمر السامي الكريم بدأ المستفيدون من تجار ومؤسسات خدمة في داخل المملكة في تكثيف عروضهم، سواء لأسعار وأنواع السيارات المغرية للمرأة بألوانها وأسعارها، أو لمؤسسات تدريب على القيادة ww بمقابل معقول وأحيانا زهيد، بل ودخلت معاهد تدريب على قيادة السيارة للمرأة خليجية وعربية، وما زالت مستمرة في عرض إمكانياتها وخدماتها ورسومها!!.
المسألة ليست غريبة مطلقا، فكثير من النساء السعوديات الراغبات في الاستفادة من الأمر السامي، يحتجن للتعليم والتدريب، لكن الغريب حقا هو ما بدأت تعلنه جهات رسمية حكومية، وأهلية، عن استعداداتها لتطبيق الأمر السامي، فهذه الجهات أعلنت عن خططها لاستقطاب وتدريب شرطة مرورية نسائية، وهذا جيد لأن المرأة صنو الرجل في كافة شؤون الحياة، وتوظيفها في الشرطة عموما، وشرطة المرور من ضمنها، مطلب حضاري هام، فما الغرابة في هذا!؟
الغرابة أن هذه الجهات تقول: شرطة المرور النسائية خاصة بقائدات السيارات النساء، وهذا يعني أمرين مهمين جدا:
أولهما: أن هذه الشرطة النسائية لا علاقة لها بأي مخالفات في الميدان تحدث من السائقين الرجال!!. والأمر الآخر: أن هذه الشرطة ستباشر الحوادث التي تحدث للنساء فقط في الشوارع والطرقات!!. ومعنى هذا: أن المملكة ستخرج إلى العالم بخصوصية جديدة، لا تقل تعجبا من خصوصيتها التي كانت سائدة بمنع المرأة من قيادة السيارة!!.
الخصوصية الجديدة إن تمت، هي: أن لدى السعودية شرطتين للمرور، إحداهما رجالية والأخرى نسائية، وبينهما حدود فاصلات!!، فلو حدث حادث مروري لامرأة فلا يجوز لشرطة المرور الرجالية مباشرته، بل لا يجوز -تبعا لذلك- حتى لرجال الإسعاف مباشرته، والعكس صحيح، فلو حدث حادث مروري لرجل يقود سيارته تحت نظر الشرطة النسائية فلا يجوز لها مباشرته ولا إسعافه، وإنما تستدعي شرطة المرور الرجالية للقيام بواجبها، حتى لو مات مقترف الحادث، الذي كان يمكن إسعافه، قبل أن يتم تلبية النداء من الرجال!!.
أنا أقدر وأتفهم ما تعلن عنه هذه المؤسسات رسمية وأهلية، فهي لا تريد استفزاز المجتمع، وتسعى إلى تطمينه بأن السائقات النساء لن يتعامل معهن في كل الأحوال إلا نساء مثلهن!!، لكن ما فات على هذه الجهات أن هذا مستحيل التطبيق في الميدان، نهائيا مستحيل، هذا جانب، والجانب الآخر أنه سيسجل إساءة جديدة للمملكة، ومع أنه يصعب تصديق هذه الخصوصية المزعومة في الفصل الحاد بين شرطة الرجال وشرطة النساء، فإنه قطعا يسيء إلى المملكة، ذلك أن الزعم بهذا الفصل الحاد «المستحيل!!» سيستغل -قطعا- في الإساءة للمملكة، بل والسخرية من هكذا إجراء مزعوم!!.
إنني آمل من المديرية العامة للمرور أن تتدخل، وتعلن موقفها الواضح الصريح من هذه المزاعم!!، وأن تواصل في دعم رغبة القيادة وتطلعها في إزالة ما كان يسمى زورا «خصوصية!!»، فالقيادة وجدت الوقت المناسب لإلغاء هذا الزعم، وأكدت بأمرها السامي أننا بشر طبيعيون نعيش ونتعايش مع العالم كله، دون أن نزعم تميزا عن الإنسانية، ولا خصوصية في شأن إعطاء الحقوق للجميع «رجالا ونساء» بالتساوي!!.
الذي يجب أن نعيه كسعوديين، أن لدينا خصوصية وحيدة، تتمثل في خدمة ورعاية الحرمين الشريفين، والمقدسات الإسلامية، ودولتنا ترعى هذا الأمر بكفاءة -بل وببذخ- لا نظير له في التاريخ، أما باقي أمور وشؤون الحياة فالسعوديون من الجنسين بشر طبيعيون لا تفضيل لهم عن باقي البشر، ولا خصوصية تمنحهم حق التفاضل بين أجناس البشر، ولا أفضلية اعتقاد أو مذهب أو تنظيم أو غير ذلك مهما كان!!. لا بد أن نستشعر بشريتنا وإنسانيتنا، وديننا السمح الذي جاء للبشرية كلها وليس لنا وحدنا، وإضافة إلى ذلك يجب أن ندرك حجمنا في الخريطة السكانية على كوكب الأرض، فالمسلمون يمثلون نحو مليار ونصف المليار إنسان، ولا يعقل ولا يقبل أن يكونوا كلهم على ضلال، بينما عشرون مليونا أو نحوها -السعوديون- هم الذين لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم!!.
هذه «الشوفينية!» يجب علينا كسعوديين أن نهيل عليها التراب، ونعي أننا حلقة صغيرة في منظومة عالمية متعددة الأجناس والأعراق والأديان والمذاهب والأفكار، وعلينا أن ننسجم مع هذه المنظومة العالمية بما لا يتعارض مع نصوص كتابنا الكريم، وصحيح السنة النبوية المتفقة مع نص القرآن الكريم!!.
وطالما أننا نقول إن خصوصيتنا هي تمسكنا قيادة وحكومة وشعبا بالقرآن الكريم وصحيح السنة النبوية، فلنبرز ذلك في تعاملنا مع تطورات وتغييرات العلم والحياة، لنثبت للدنيا أن الإسلام -فعلا- صالح لكل زمان ومكان، وهذا الفصل الذي نزعمه أو ننويه بين الجنسين في كافة شؤون الحياة ليس من الإسلام العظيم، وإنما من اجتهادات فقهاء متشددين !!، فيكفي فضائح باسم الإسلام البريء منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب!!.
نقلا عن "الوطن"

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up