رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

الجريمة كمرض اجتماعي !

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

حجر الزاوية في المفهوم الإسلامي للأمن الذي يتجاوز المفهوم العصري للأمن بمراحل، إنما يتجه إلى معالجة (الأسباب)، ولا يكتفي بمعالجة (أعراض) الجريمة كمرض اجتماعي ولكي نرى الفرق بين المفهومين نورد ما جاء في دائرة المعارف البريطانية التي عرفت الشرطة بمعناها الواسع بأنها «تعني صيانة النظام العام، وحماية الأشخاص والممتلكات، مما يحتمل أن يقع عليهم من طوارئ أو تصرفات غير قانونية»، أما بمعناها المحدود فإنها «ذلك الجهاز من الموظفين المدنيين المسؤولين عن صيانة النظام، والأمن العام، وتنفيذ القوانين بما في ذلك ضبط الجرائم وقمعها» ونلاحظ في هذا التعريف أمرين:أولهما: إن الموسوعة قصرت حفظ الأمن على جهاز الشرطة، وهذا لأنها عرفت الأمن سلبا، أو عرفته بالسلب، بأنه (الإخلال) بالأمن، لذلك جعلت حماية هذا الأمن مسؤولية جهاز الشرطة ثانيهما: أنها حصرت مهمة هذا الجهاز في التعامل مع الجريمة الواقعية والمحتملة، وهذه أيضا مهمة، أو وظيفة بالسلب، تقوم متى ما كانت هناك جريمة. وهذا مفهوم قاصر من كل النواحي، أو من أي ناحية أتيت ومقابله نجد مفهوما أكثر شمولية، وأوسع مدى في فعاليته، ألا وهو المفهوم الذي يجعل الأمن مسؤولية الجميع فكل مواطن مسلم هو رجل أمن في مجتمعه انطلاقا من القاعدة النبوية «من رأى منكم منكرا فليغيره»، ثم تندرج مستويات هذا التغيير ووسائله من «يده» ثم «بلسانه» وأخيرا «بقلبه»، والأخير وصفه النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بأنه «أضعف الإيمان» لأن المسلم في هذا المستوى يكتفي بإدانة واستنكار المنكر بقلبه، فيطهر قلبه منه ومن إثمه، ومما يماثله من عمل، وفي هذا تذكرة له لئلا يقارف هذا العمل، ويتجنبه البحث في الجذور: هذا الاتجاه يرمي إلى ملامسة «أسباب» الجريمة، وجذورها، أو ملاحقة الجريمة في أطوارها الجنينية الأولى، وهي بعد في رحم المجتمع كخلل في جسده، يضيف إلى الأجهزة الأمنية وظيفة أخرى، وهي التعرف على الأسباب الحقيقية الكامنة خلف الجريمة المعينة باعتبارها عرضا يدل، أو يستدل به، على وجود خلل اجتماعي ما يعاني منه جسد الكيان المجتمعي والوظيفة الجديدة التي يلقيها على عاتق الأجهزة الأمنية، هذا التصور الجديد للأمن يحمل طبيعة معرفية

arrow up