رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

سوء المنطلق يقود إلى سوء المنقلب !

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لست أدرى إلى متى سنظل نخادع أنفسنا ونحن نفكر فى إصلاح أحوالنا، وإعداد مستقبل أكثر إشراقاً ؟. ذلك أننا حين نتجه إلى تشخيص قضايا واقعنا نقع فى خطأ كبير يجعلنا نتعامل مع واقع إفتراضى تمليه علينا، إما رغباتنا وأحلامنا، وإما رغبتنا اللاواعية فى الخداع الذاتي بإعتباره هو الواقع الحقيقى والفعلى. أننا ننطلق فى الواقع بهذه الطريقة من النقطة، ذلك أننا نتعامل مع هذا الواقع الإفتراضى الوهمى على انه هو الواقع الفعلى الحقيقى. وبالطبع لا يمكنك أن تنطلق مع واقع وهمى ثم تحاول أن تستنطقه لتعرف ما هى مشاكله، أو حتى الآليات التى يعمل بها، ثم تطبق كل هذا الاستنطاق وهذه القراءات على الواقع الفعلى والحقيقى، ثم تدعى فى النهاية انك إنما تقوم بعملية تشريح للواقع الفعلى، وان الحلول التى وضعتها إنما تعالج قضاياه و مشاكله. سيكون هذا ضرباً من الخداع الذاتى، إذا لم تكن على وعى به، وسيكون نوعاً من التزييف للحقائق إذا كنت على وعى بما تفعل. وللأسف فان هذا النهج هو ما درج كتابنا أو جلهم وصحافيونا ومفكرونا، وفى حين انه لا يؤدى إلى نتيجة ما. وأعتقد جازماً أن النهج الصحيح إنما تمثله القاعدة التى تنص على أن السؤال الخطأ لا يؤدى سوى إلى الإجابة الخطأ، وان السؤال الصحيح بالتالى هو الطريق الوحيد الذى يقود إلى الإجابة الصحيحة. لأنك فى حالة السؤال الخطأ ستضع قاعدة للإجابة الخطأ. ماذا يعنى هذا ؟ انه يعنى فى حال تشخيصنا لمشاكلنا أننا كثيراً ما نطلق من قاعدة السؤال الخطأ حين نعتمد الواقع الإفتراضى الوهمى. وقد لاحظت كثيراً ما ننطلق فى مؤسساتنا حين نريد أن ننطلق من نقطة ما نحو تطوير آداء المؤسسة فى إفتراض واقع وهمى ما نضعه فى أذهاننا بإعتباره يمثل الواقع الحقيقى والفعلى، فى الوقت الذى لا يكون فيه هذا الواقع أكثر من وهم فى أذهاننا، ولكننا ننطلق منه بإعتباره واقعاً فعلياً. ومن ثم ننطلق منه وهو الواقع الإفتراضى الوهمى لتسأله وتشخص أوجه القصور فيه. ترى.. هل ترى حمقاً أكثر من ذلك ؟. مثل هذه الأشياء شاهدتها كثيراً فى مؤسساتنا ولا أريد أن أسمى وكثيراً ما حاولت أن أنبه إلى هذا المنزلق، وكثيراً ما أردت أن أشير إلى أن هذا المنطلق هو منطلق خاطئ ولا يقود إلى أى نتيجة، وانه جهد لا طائل وراءه ولا جدوى منه. وهكذا كثيراً ما اشهد إجهاض العديد من المشروعات الصادقة لتجاوز عقدة ما فى آداء مؤسساتنا، وكثيراً ما اشهد العديد من هذه المحاولات المخلصة التى تهدف إلى تحقيق نقلة نهضوية ما، إلا أن مشكلتها الأساسية تتمركز فى سوء المنطلق، وبالتالى لن تؤدى إلا إلى سوء المنقلب. قد يبدو هذا الكلام تجريدياً بهذه الدرجة أو تلك، إلا انه ولمن يحسن قراءة آداء مؤسساتنا ويرصد محاولات النقلات والانتفاضات التى تهدف إلى تطوير أدائها ليس بهذه الدرجة من التجريدية. بل انه ينطبق بصورة واقعية وفعلية وعملية عليها بهذه الدرجة أو تلك، وأيضاً لا أريد أن أسمى. حسناً. يمكنك أن تسال ما هو الحل ؟. اعتقد أن الحل يكمن فى صلب هذه المشكلة التى حاولنا تشخيصها، ويتلخص فى أننا يجب أن ننطلق فى مواجهتنا لمشاكلنا وقصور آداء مؤسساتنا من الواقع الفعلى والحقيقى لها، وان نبعد تماماً أحلامنا وأمنياتنا، وان لا نتعامل معها، باعتبارها واقعاً فعلياً.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up