رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

إعرفوا زين... من يلعب على الحبلين !؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

الصدق قيمة أخلاقية فردية تتافوت بين شخص وآخر، فإن المعيار الوحيد لها، هو، أن يتطابق سر المرء وجهره، أي عدم إزدواحية شخصية المرء. وإذا رأيت شخصاً – رجلاً كان أو امرأة – يتحدث بلسانين، أو يتلبس شخصيتين، فاعلم أنه كاذب، وخذ مع كاذب هذه كل ما ذكرت لك من صفات مشينة. فالصادق هو الإنسان نفسه. وهو الإنسان الذي تطابق مع نفسه. فهو في المجلس الرسمي، مثلما هو في مجلسه الخاص، مثلما هو في وحدته مع نفسه، لا شاهد في هذه الحالة إلا الله. لقد كدت أصعق مرات كثيرة، حين نتداول التحديات التي تواجه الوطن، وما الذي (يجب) علينا أن نفعله في مجالسنا الخاصة. كان بعضنا يطرح آراء نقدية بمنتهى الشفافية ونحسبه يعبر عن رأيه بدق. وما أن نستمع إليهم في جلسة رسمية إلا وتجد الواحد منهم قد انقلب (180) درجة، فيكيل المدح والثناء مباركاً هذا الواقع الذي وجه صوبه سهام نقد لا يخلو من صدق ومصداقية!. وتحتار: مع من أتعامل.. أشخص البارحة أم اليوم؟!. هذا شخص له وجهان، ولسانان فهو إذن كاذب ومنافق. إلا أن الكارثة تتمثل في أن هؤلاء هم الذين يصلون إلى تحقيق أهدافهم الذاتية وطموحاتهم الشخصية، في ظل مجتمع أدمن هذا النوع من الرياء. من ضحايا الكذب؟ يمكنك إذا كنت صادقاً لا تسعى لمكسب شخصي أن تقول: هنيئاً لهم بما كسبوا و{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} كما قال المولى عز وجل. ولكن تأمل الوجه الآخر من الصورة. لقد حدث (انقلاب) في المعايير القيمية بحيث أصبح الكذب ذكاء والصدق بلاهة، وبالتالي صار الصادق هو الغبي، والكذاب والمنافق ذو الوجهين هو الأكثر حنكة وفهلوة وشطارة مثلما يقول إخوتنا في الشقيقة مصر. وللمفارقة: إذا كانت أسباب هذا الانقلاب في مجتمعات أخرى ترجع إلى العوز والمنافسة بسبب شح الموارد والمداخيل، فإنه هنا نشأ بسبب (الوفرة). تلك (الوفرة) التي فتحت شهية الغزيرة الاستهلاكية على آخرها، فأصبح الكسب هو الهدف بغض النظر عن (الوسائل) لتحقيق هذه الأهداف، وإشباع هذه الرغبات. وفي ظل مناخ مثل هذا، ما الذي نتوقعه من أصحاب هذه النزعات المادية الذاتية الشخصية، غير أن يدوسوا بكل القيم الأخلاقية والإنسانية في سبيل تحقيق طموحاتهم وأطماعهم؟!. أتدري من هم ضحاياهم؟. تحديداً، وبالدرجة الأولى، هم من يمثلون النقيض لهم، فتراهم يكيدون لهم، مستغلون في ذلك ضيق المسافة ما بين قلوبهم وما يجري على ألسنتهم من قول يعبر عما في هذي القلوب. هؤلاء الصادقون لا يستطيعون تزوير الحقائق ولا تزوير أنفسهم، ولا تزوير ما في قلوبهم، ولذا فإنهم يفضحون أنفسهم بأنفسهم، فهم لا يعيرون لغير ما في ضمائرهم بالاً، لسبب بسيط، لأنهم في المقام الأول يخشون الله ويرجون ما لديه.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up