رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد الساعد
محمد الساعد

كاوست.. لماذا لا تغيرين حياتنا !

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ما الذي ينقص جامعة كاوست، سؤال لطالما مر علي وأنا أشاهد هذه الجامعة بمبانيها الرائعة على طرف الطريق كلما سنحت لي الفرصة بالذهاب للمدينة المنورة أو المدن الواقعة بعدها، كاوست قريبة جدا من جدة، إلا أنها أخذت طابع مدينة أرامكو السعودية في المنطقة الشرقية، عندما انطوت على نفسها وشكلت بيئتها ونظامها وحياتها الخاصة.
أرامكو فهمت مبكرا أنها تعيش في محيط اجتماعي وسكاني لا بد من التعاطي معه، فخرجت إلى عالمها المحيط بها، درست وعالجت وبنت المدارس لجيرانها، صحيح أنها لم تسمح بدخولهم إليها لأسباب عديدة مفهومة ومقدرة، إلا أنها قطعت نصف المشوار مما اختصر عليها الكثير.
في ظني أن هذا ما ينقص جامعة كاوست، عليها أن تقطع نصف المشوار باتجاه البشر في جدة وينبع وخليص ورابغ ومن ثم تمتد إلى بقية المملكة.
الجامعات المتخصصة موجودة بكثرة في العالم، وهي إحدى خيارات التعليم، وبالأساس جامعة الملك فهد نشأت بفكرة قريبة من ذلك، إذ كانت متخصصة في علوم الزيت والجيولوجيا.
عندما تزور كاوست وترى ما فيها من تقنية، وعقول تعمل، وطلاب يدرسون وكأنهم في أعرق الجامعات الغربية، سينتابك شعور غريب أنك انتقلت فعليا لعالم آخر غير الذي تعرفه.
المباني الرائعة والمعامل والمختبرات والمكتبات والمتاحف والنتائج العالمية شبه اليومية، تؤكد أننا أمام جامعة ستصبح في مصاف الجامعات الأولى حول العالم في وقت قريب جدا.
ربما أنا وغيري لا يرون في كاوست إلا مختبرا كبيرا للعلوم والتقنية موجودا على شاطئ البحر الأحمر، ينظر للعالم من خلال نوافذ دولية، فهل سيأتي اليوم الذي تنظر فيه للعالم بعيون سعودية.
لا شك أن كاوست هي أقرب ما تكون لبيت خبرة يمكن الاعتماد عليه في تغيير وجه السعودية، مع تغيير قليل في صرامتها المتخصصة، وهذا هو التحدي الذي ننتظره منها.
نحن في السعودية مقبلون على عالم آخر غير الذي خبرناه طوال عقود، سندفع تكاليفه حتى نأخذ أجمل ما فيه، التحدي الذي يمكن لكاوست أن تساعدنا فيه، هو أن تخفض فواتير الرؤية وبرامج التحول الوطني في الطاقة وربما في المعيشة، هنا التحدي وهنا الفارق الكبير الذي من الممكن أن تفعله كاوست وبالتالي تدخل حياتنا من أوسع الأبواب.
جردة حساب لما قدمته كاوست في أقل من خمس سنوات، لا شك أنه كبير في عمر الجامعات ودور العالم، لكنه غير مرئي ومغلف بالتخصص والدقيق والمراجعات العلمية، ربما لأن جامعة كاوست نشأت في وقت تطلب منها ذلك الانكفاء.
أستطيع أن أسرد قائمة طويلة من الإنجازات العلمية التي استطاع الباحثون والطلاب في كاوست الوصول إليها، لكني لا أنا ولا كل السعوديين البسطاء نحتاج أن نعرفها، سنسعد إذا تفوقت جامعتنا الأثيرة، لكنها لحظات فرح عابرة، لن تدوم، هي موجودة في السجلات العلمية وترفع تصنيف الجامعة لكن هل هذا هو المطلوب فقط.
اليوم نسابق الزمن لبناء دولة عصرية حديثة متمدنة، وكاوست منصة ومحرك هائل يمكن له أن يضخ في أورد البلاد الكثير من المدنية والعالم والازدهار، وعليها أن تنفتح وتفتح أبوابها.
من الأفضل لنا ولكاوست أن نبني برنامج عمل مشترك، تتقدم فيه الجامعة إلى وسط مدننا، وتعيد برمجة حياتنا، نعم نحن في حاجة ملحة لأن تصبح السعودية أكثر جودة وأكثر تقدما، ومن مثل الجامعات تقدم مثل تلك النصائح والبحوث.
نقلا عن "عكاظ"

arrow up