رئيس التحرير : مشعل العريفي
 قينان الغامدي
قينان الغامدي

هنا فساد مالي دائم ومعتاد: هموم وتطلع وطن

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

أتصور، وعندي قناعة تصل إلى مرحلة اليقين، أن الحكومة إذا نجحت في استعادة كل عقاراتها وأراضيها التي نهبت أو اغتصبت عن طريق التزوير للوثائق الشرعية، ومعها استعادة ملايين وربما بلايين الريالات من هوامير الفساد، فإنها - أقصد الحكومة - سوف تستغني لميزانيتها عن أي دخل بترولي أو غيره، لعامين أو ثلاثة!!. حجم الفساد كبير، ولعلنا نتذكر تلك الأخبار التي نشرتها الصحف عن استعادة ملايين بل بلايين الأمتار من الأراضي التي ألغيت صكوكها لوجود تزوير واضح في صكوكها، وتلك الأخبار التي أشارت إلى كشف حال فساد مالي هنا أو هناك في مختلف قطاعات الدولة!! الفساد بكل أنواعه، وخاصة الفساد المالي موجود في كل دول العالم، لكنه بنسب مختلفة، تقل وتكثر، وفقا لدقة وصرامة تطبيق الأنظمة على الجميع، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قال: «لن ينجو أحد من الحساب أيا كان!!»، وهذا القول من سموه في ذاته يعد برنامج عمل لكافة مؤسسات الدولة المعنية، ونتائج وتجليات هذا القول للأمير محمد بن سلمان بدأت تتوالى بوضوح، وتظهر على سطح الإعلام، بصورة لم يتعودها أحد عن الغمغمة على موضوع الفساد هذا!!. وأريد هنا أن أتجاوز موضوع بلايين الأمتار من الأراضي، وبلايين الريالات التي سهل الفساد الإداري حدوثها و«الفساد الإداري هو أبو الفسادات وأمها كلها!!»، سأتجاوزه لشدة وضوحه، وتوالي وانتظام عمليات الكشف عنه، وسأذهب إلى منابع ومصادر فساد داخل أجهزة الحكومة، وهو فساد واضح لمن يعرفه، وهو فساد خفي، ومكلف ماديا، لكن ملاحظته وضبطه يتطلبان تدقيقا وجهدا وإخلاصا، ذلك الفساد يتمثل في الانتدابات وفي التكليف بالعمل الإضافي، وفي القيام تكليفا بعمل موظف آخر أثناء غيابه، أو أثناء افتعال حاجة لتكليف غير ضروري ولا مطلوب ولا مهم!! هذه الأمور تبدو بسيطة ماديا في صورتها الخارجية ووقعها المادي، أمام أرقام اللهف ببلايين أمتار الأراضي أو بلايين الريالات، لكن لو تأملنا هذه «الفتافيت!!» وتكاليفها المادية، لوجدناها بالبلايين، وربما تفوق فساد الهوامير الكبار مالا أو أرضا!! هل لدى حكومة المملكة نقص في عدد الموظفين في مختلف قطاعاتها ووزاراتها!!؟، لا نقص، بل هناك ما يقال إن داخل موظفي الحكومة بطالة مقنعة!!، هذه البطالة تعني أن هناك فائضا في أعداد الموظفين، أو خللا في التوزيع، وخلاصة هذا أن أي قطاع حكومي، ليس محتاجا لانتداب موظف، ولا تكليف آخر بعمل إضافي، ولا تحميل ثالث بعمل موظف غائب!!، إلا في حدود ضيقة جدا، وهذه الحدود الضيقة جدا توسعت خلال عقود حتى شملت في بعض القطاعات الحكومية كل موظفيها كبارا وصغارا على طريقة: «غمض وأنا أغمض، واستفد، وخل غيرك يستفيد!!»، والسبب أن كل ذلك التكليف والانتداب، يتم حسب حجم الفساد الإداري في هذا القطاع أو ذاك !!. سأضرب مثلا، فقد ظهرت بيانات صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء عام 2016، بأن عدد العاملين في الدولة بنهاية العام الماضي بلغ حوالي 1.52 مليون موظف ومستخدم، فلو افترضنا ثلثهم - والثلث قليل!!- ينالون مكافآت وانتدابات وتكليفات خارج الدوام، وبواقع خمسة آلاف ريال شهريا، فإن خمسمائة ألف موظف، ينالون من ميزانية الدولة أكثر من ثلاثين مليارا سنويا، وهذا على أضعف التقديرات، إذ يمكن أن يتضاعف هذا المبلغ بضع مرات، فقد حسبته فقط على خمسمائة ألف موظف بواقع خمسة آلاف شهريا لكل منهم، بينما الواقع كما أعتقد أكبر سواء في عدد الموظفين أو في المبالغ التي ينالونها دون عمل ولا ضرورة لعمل!!. قد يقول قائل إن هذا مبلغ زهيد، وإنني أتمحك، وهـذا القائل لا يلام، ولن ألومه مطلقا لأن من لا يشعر بوخز الشوكة في قدمه، لن يشعر بطعنة مدية في رقبته!!، هذا سيموت مجانا، والذي لا تتجاوز همومه دائرة حاجته الخاصة لن يشعر بهم وتطلع وطن!!. نقلا عن الوطن

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up