الوسطية.... بالفعل والفكر والسلوك !
حين نناقش ونبحث في الكيفية التي يمكن أن تسهم بها جامعاتنا في نشر الوسطية فإننا في الواقع نناقش مسألة معقدة ذات أبعاد عديدة ولكنها متداخلة ومتشابكة الخيوط ، لذا سأحرص في مقاربتي على جانب واحد ، وهو جانب العملية التدريسية . فنحن نستقبل في مدرجاتنا شبانا وشابات على حافة سن النضج ،تمت صياغتهم ذهنيا ونفسيا وسلوكيا بعيد عنا وعبر تجارب مختلفة ، وبعض هؤلاء الشباب تأثروا ، على هذا النحو أو ذاك ، وبهذه الدرجة أو تلك بنمط التفكير المتطرف ، الأحادي ، الذي لا يحتمل الاختلاف ، مما يجعله فريسة سهلة للغلو في كل شيء وليس للغلو الديني وحده إذن : ما الذي علينا أن نفعله نحن كهيئة تدريس ؟ هذا هو السؤال الذي يواجهنا . الإجابة تبدو سهلة للوهلة الأولى وهي : إننا يجب أن نغرس فيهم قيم التسامح وأن نلقنهم آداب الحوار والاختلاف إلا أن الصعوبة تواجهنا حين يطل السؤال : ولكن كيف ؟؟ . أمام هذا السؤال يجب أن نواجه أنفسنا نحن كتربويون فكريون : هل نحن مؤهلون بالفعل للقيام بهذا الدور؟. هل نمارس التدريس باعتباره عملية حوار فكري لا مجرد تلقبن وحفظ ، حتى ننمي ملكة الحوار ونفعّل التفكير الحر عند الطلاب ؟. هل نحن ديمقراطيون في تعاملنا مع آراء طلابنا مهما اختلفنا معها ؟ هل تتسع صدورنا للاستماع إلى ما يعتبره بعضنا حماقاتهم ، ونجعلهم يشعرون بأنهم وما يحملون من أفكار محل تقدير و احترام ؟. ما أريد أن اخلص إليه هو أننا نستطيع بالفعل أن نلعب دورا مؤثرا في توجيه طلابنا نحو الوسطية وغرس قيم التسامح ، وترسيخ آداب الحوار والاختلاف ، وان بإمكاننا أن نعيد صياغتهم فكريا على النحو الذي يجعلهم وسطيون بالفعل فكرا وسلوكا
لا يوجد تعليقات