رئيس التحرير : مشعل العريفي
 قينان الغامدي
قينان الغامدي

الفساد الإداري أبو الفسادات: فورا كلمة ذات معنى فاعل

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

الفساد المالي جريمة كبرى -لا شك- لكن هذه الجريمة تقف خلفها جريمة أكبر منها اسمها «الفساد الإداري!»، فالفساد الإداري أبو الفسادات كلها، ومن المستحيل القضاء عليه دون إصلاح إداري جذري عندما أنشئت «هيئة مكافحة الفساد» عام 1432، بهدف حماية المال العام ومحاربة الفساد، استبشر المواطنون خيرا، وبقوا يترقبون جهود الهيئة على مدار السنوات الماضية، غير أن تلك الجهود ركزت على الهوامش، ولم تصل إلى متن الفساد، وهو متنٌ كان الناس يرونه رأي العين، ويتحدثون عنه في مجالسهم، وبعضه جرى التلميح به وأحيانا التصريح في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، وتم فعلا كشف بعض قصص الفساد الصغيرة المهمة، سواء في الصكوك المزورة أو الرشاوى المليونية، وغيرها، لكن هذا الكشف لم يكن لهيئة مكافحة الفساد دور فيه، وإنما عن طريق جهات أخرى، وكان من الواضح أن الهيئة تحتاج دعما سياسيا قويا، لأن رموز الفساد الكبار، أكبر من قدرة الهيئة على كشفهم، أو حتى التلميح لهم وبهم، مع أنها في تصوري تعرفهم، وقد تكون لديها ملفات جاهزة عنهم، لكن القبض عليهم وتوجيه التهم إليهم ومحاكمتهم يحتاج إلى قرار سياسي قوي، وهذا ما حدث ليلة الأحد الماضي، إذ أمر خادم الحرمين الشريفين بتشكيل لجنة عليا برئاسة ولي العهد، لمكافحة الفساد، وفورا قامت اللجنة بالقبض على عدد من الأمراء والوزراء وكبار رجال المال والأعمال الذين تم اتهامهم بقضايا فساد تتعلق بالمال العام، تمهيدا لمحاكمتهم!. عاصفة ليلة الأحد التي توجهت إلى رؤوس كبار، أعتقد أنها زلزلت جبل الجليد الفاسد، وستستمر حتى تفتت الجبل كله، فالمقبوض عليهم ليسوا كل من يمكن اتهامهم بالفساد، إذ الشبهات تحوم حول كثيرين غيرهم في الشأن ذاته، أي في شأن المال العام، وأعتقد أن اللجنة ستستدعيهم تباعا، وستتمكن من استعادة المليارات ومئات الملايين التي استولوا عليها دون وجه حق، بل سرقات ورشاوى عن طريق عقود مشاريع مليارية تكلفتها أقل من المعلن، وبعضها قد يكون وهميا لم يتجاوز الورق، وقبض المبالغ المرصودة علنا، ولعل كثرة المشاريع المتوقفة أو المتعثرة تشير بأصابع عشرة إلى أن الفساد هو سبب تعطلها أو تعثرها، أما الرشاوى فكما يقال «حدّثْ ولا حرج!»، إذ وصلت في بعض الجهات إلى درجة اقترابها من العلن، كفساد منظم معروف!. عاصفة ليلة الأحد الماضي كانت تاريخية بكل المقاييس، وهي ستسجل كبداية لمرحلة غير مسبوقة في تاريخ المملكة منذ تأسيسها، فهي بداية حقيقية لوطن من غير فساد، وفي نظري، لو تم إحصاء المليارات التي اعتُمدت لمشاريع التنمية في الوطن منذ 10 سنوات فقط، وحتى الآن، وتم قياسها بما تم تنفيذه على أرض الواقع، في كل قطاعات الدولة، لتبيّن أن الفساد نال الحصة الأكبر من تلك المليارات!، وهذا ما نرجو ونتوقع أن تنقب اللجنة الجديدة في سجلاته، لعلها تضع يدها على الأيدي التي قبضت تلك المليارات وحرمت الوطن منها!. الفساد المالي جريمة كبرى -لا شك- لكن هذه الجريمة تقف خلفها جريمة أكبر منها اسمها «الفساد الإداري!»، فالفساد الإداري أبو الفسادات كلها، ومن المستحيل القضاء على الفساد المالي، دون إصلاح إداري جذري، يبدأ من أعلى الهرم في كل قطاع، أي وضع الإنسان المناسب «المؤهل الكفء القائد»! في المكان المناسب لتخصصه وخبرته وقدراته، ثم إعطاؤه صلاحية تغيير وتكوين الصف الثاني والثالث من الذين يثق في قدراتهم ونزاهتهم، وفي مثل هذه الحال يمكن الاطمئنان إلى أن الفساد لن يتسلل إلى وزارته أو قطاعه، مع وجود هيئات رقابية محاسبية مؤهلة ونزيهة وحيادية، يقف خلفها قرار سياسي قوي، وقد تجسد هذا القرار في اللجنة العليا التي أمر بها الملك برئاسة ولي العهد، وأثبتت قوتها وعزمها وحزمها منذ لحظة تشكيلها وفورا! وكلمة «فورا!» هذه اكتسبت معناها الحقيقي الفاعل من أقوال ولي العهد المقرونة بالأفعال الحقيقية في الواقع، منذ ترؤس سموه مجلس الاقتصاد والتنمية، وحتى يومنا هذا، فالكلمة عند محمد بن سلمان تعني الفعل المجسد واقعا قبل التعبير عنه!. نقلا عن "الوطن"

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up