رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

مهددات أمننا المائي !؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

كنا نظن أن المياه وندرتها واحدة من أصعب وأكبر وأعقد مشكلاتنا، وهي بالفعل كذلك، ليس لدينا في المملكة وحدها بل في كل دول الخليج، ويكفي أن نعلم بأن الأبحاث العالمية قد بينت أن كل فرد سعودي يستهلك ما معدله 286 لترا من المياه يوميا، وهو ثالث أعلى معدل استهلاك في العالم بعد الولايات المتحدة وكندا، الأمر الذي جعلها تلجأ إلى تحلية مياه البحر، وهي تعتبر أكبر دولة في العالم في مجال تحلية مياه البحر إذ تعتمد السعودية بصورة كبيرة على تحلية مياه البحر لتوفير المياه لسكانها البالغ عددهم نحو 25 مليون نسمة، حيث على هذا المصدر لتوفير ما نسبته 53% من الاحتياج العام، ولذا لا تعجب إذا ما علمت بأن المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية تعتبر أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، حيث تقوم حاليا بإدارة 36 محطة تحلية على ساحلي المملكة الشرقي والغربي يبلغ إجمالي إنتاجها التصديري من الماء نحو 3.5 مليون متر مكعب يوميا لتغذية 40 مدينة وقرية، وتغطي 53 في المائة من حاجات المملكة من المياه المحلاة.
كنا تظن أن الندرة وحدها هي المشكلة، إلا أن التقارير والأبحاث والدراسات المحلية والعالمية حول هدر المياه كشفت لنا بأن مهددات أمننا المائي لا تتوقف عند حدود الندرة، فقد كشفت دراسة ميدانية حديثة أن حجم استهلاك سكان منطقة مكة المكرمة خلال العام الماضي من مياه الشرب لأغراض الشرب والاستخدام المنزلي والزراعة والبناء، بلغ نحو 307 ملايين متر مكعب، وهي كمية كبيرة جدا على منطقة صحراوية تعد مصادر المياه العذبة السطحية والجوفية الضحلة فيها محدودة للغاية، نتيجة لقلة الأمطار وارتفاع تكاليف تحلية مياه البحر.
وقد أرجعت العديد من الدراسات أسباب الهدر في مياه الشرب إلى الاتساع العشوائي في مدن مكة المكرمة، جدة، والطائف، وما واكب ذلك من زيادة مطردة في نمو السكان، يصاحبه عدم وعي كاف في كيفية استخدام مياه الشرب المكلفة ماديا، وهدر المياه المستخدمة في القطاعات السكنية والتجارية والصناعية والمرافق العامة، حيث تضيع هدرا مليارات من الأمتار المكعبة من المياه المخصصة للوضوء والحمامات في المساجد المختلفة على سبيل المثال، إضافة إلى كثرة الحدائق المنزلية واتساعها بشكل مبالغ فيه مع وجود المسابح. وتكاد رؤية مختلف التقارير والدراسات تتطابق في مطالبتها بضرورة الاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا ــ 107 آلاف متر مكعب ــ كبديل استراتيجي أمثل لجميع الاستخدامات عدا الشرب.
إلا أن مشكلة الهدر المائي لم تكن غائبة تماما عن اهتمام الجهات الرسمية، فقد استفاضت مختلف وسائل الإعلام في الحديث عنها سواء بالتقارير الإخبارية أو التحقيقات والحوارات الصفية أو المقالات والدراسات التي تنشر هنا وهناك، ويلاحظ أن السائد في هذه التغطيات الإعلامية كان هو التركيز على مياه الصرف الصحي لما تشكله من مخاطر وتهديدات تشمل البيئة والصحة العامة.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up