رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

عينان في رأس

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ما هو الحيوان الذي يستحق أن نطلق عليه عن جدارة أنه صديق الإنسان؟! هناك رأي يقول: إنه الكلب، وآخر يقول: إنه الحمار، وأنا أقول: إنهما الاثنان لا ثالث لهما، وهما بالنسبة لي (عينان بالرأس) لا أستطيع أن أفرق بينهما أو أفضل أحدهما عن الآخر، فلكل واحد منهما تاريخه المجيد في مسيرة الإنسان وحياته. وبما أن حيز هذا المقال محدود سوف أقصر حديثي اليوم عن الكلب - ولا يهون صديقنا الغالي الحمار - فدوره سوف يأتي حتماً فيما بعد، والذي يروي اليوم عن وفاء وبطولة الكلب هو صاحبه ويقول: كنت في البحر بعيداً عن الدار بمسافة 60 ميلاً، عندما أصبت بحروق شديدة نتيجة لانفجار الجازولين بغرفة الآلات في السفينة الساحلية التي أعمل على ظهرها، وجاءت سفينة المستشفى لتحملني، وكم كانت دهشتي عندما وجدت كلبي (تيري) ينتظر لقائي عند رصيف ميناء «سانت أنطوني». وتبع الكلب عربة الإسعاف حتى المستشفى، وظل رابضاً هناك يرفض مبارحة مكانه، وبعد شهر، عندما كنت أستعد لمغادرة المستشفى، كان تيري لا يزال ينتظر عند الباب الخارجي، ولكي أختبر فطنته، تسللت من الباب الخلفي ولم أكد أسير بضع خطوات، حتى سمعت أنات مرحة تتردد خلفي، وفي اللحظة التالية، جمعت السعادة بيني وبين تيري مرة أخرى، ولا أزال أتساءل في حيرة حتى الآن: كيف عرف أنني خرجت؟! والحادث الثاني يقول فيه: بينما كنت أستعد لأدخل الفراش في ليلة حالكة الظلام، سمعت صوت تيري ينبح، ثم لم يلبث حتى تحول نباحه إلى عواء عميق، وذهبت أبحث الأمر، ولكنني لم أكد أفتح الباب الخلفي، حتى هرع نحوي معترضاً طريقي ودفع نفسه أمام الباب، ثم جذبني إلى الوراء وأسرع عائداً إلى مخزن الحبوب. وأدركت أن هناك شيئاً خاطئاً، فتسللت إلى الخارج، وبدأت أسير في طريقي ولكنه أسرع عائداً نحوي مرة أخرى، ودفع نفسه على قائمتيه الخلفيتين ثم وضع مخالبه الأمامية الضخمة فوق صدري وأجبرني على التراجع إلى الوراء، وأدهشني الأمر، فإن تيري لم يفعل ذلك من قبل، فعدت إلى البيت لأحضر مصباحاً، وبينما كنت أحاول إحضار المصباح سمعت صليل سلاسل وصوت أخشاب تتحطم وصيحة غضب تدوي.. لقد حطم ثورنا الضخم الذي يزن أكثر من ألف كيلوغرام سلاسله، وانطلق في ثورة عارمة. وقد تطلب الأمر بعد ذلك جهود سبعة رجال ظلوا يكافحون أربع ساعات مثيرة خطرة لإعادة الوحش الهائج إلى مربضه مرة أخرى!! ولو لم يمنعني تيري من السير في الممر بمفردي لنطحني الثور أو وطأني بأقدامه وقضى عليّ لا محالة.
نقلا عن "الشرق الأوسط"

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up