رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

جبل «النور»

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

قبل عدة سنوات حدّثني أحدهم عن (جبل النور) المطل على مكة المكرمة من ارتفاع 642 متراً عن سطح البحر، وكيف أنه يعامَل بإهمال شنيع، وظننت في البداية أنه يبالغ في كلامه، لهذا عقدت العزم أن أتأكد من ادعائه – على مبدأ «من رأى ليس كمن سمع». وذهبت فعلاً إلى هناك وراعني ما شاهدت وأُصبت بحزن عظيم، وكتبت وقتها مقالاً في جريدة «عكاظ» على أمل أن ألفت فيه نظر المسؤولين عن هذا الأثر الذي لم يحظَ للأسف بأي احترام يليق به. وللمعلومية فبعض الجبال تستحق الاحترام، ألم يقل رسول الله عن جبل أُحد: «إنه يحبنا ونحبه»، فكيف لا نحب نحن جبل «النور» كذلك؟! وهو الجبل الذي تبتّل في غاره رسول الله، كما أنه الجبل الذي نزلت فيه أول آية بالقرآن الكريم، فهل عجزنا رغم ميزانياتنا الكبيرة المتعاقبة عن أن نحيطه ولو بشيء قليل من الرعاية...؟! أم أننا اكتفينا فقط بأن نطلق عليه مسمّى «جبل النور»، وهو القابع طوال تلك الأعوام في ظلام دامس؟ وكنت أظن واهماً أن كلماتي سوف يسمعها من بأذنه صمم في أمانة مكة، وإذا بكلماتي تطير في الهواء ولا حياة لمن تنادي، والذي أكد لي ذلك هو ما قرأته بمقال كتبه في جريدة «المدينة» الأستاذ طلال القشقيري، وقال فيما قال: إن ذلك الجبل لا يزال محاطاً بأحياء شبه عشوائية في سفحه، وتحتاج إلى تنظيم حضاري نموذجي، وأن يُنشأ له (تلفريك) للصعود إلى قمته، فالسلالم الخرسانية البدائية المنفذة له ليست سالمة دائماً، خصوصاً لكبار السن من الزوار والنساء والأطفال، وقد انتشر تبعاً لذلك الباعة الوافدون المخالفون لأنظمة الإقامة والتجارة، فضلاً عن المرشدين غير المؤهلين الذين ينشرون الخرافات، وقد شاهدت مؤخراً مقطع فيديو يبين انتشار قرود البابون المتوحشة فيه، وإزعاجهم الشديد للزائرين بل واختطاف الطعام والشراب منهم – انتهى. وللمرة الثانية والأخيرة أرفع صوتي ولا أقول قبضتي، مطالباً بشيء قليل من الغيرة، لنفض الغبار والإهمال والظلام من على وجه ذلك الجبل الأشمّ الذي أصبح الآن في داخل مكة. ومن العيب الفادح أن يكون مكباً للنفايات، وأن تتلون حجارته بكتابات كل من هبّ ودبّ، ولو أن تلك الحجارة كانت تتكلم لشكت الويل والثبور وعظائم الأمور. إنني أعتذر لو أنني قد خرجت عن طوري قليلاً، ولكن صدقوني فحزني الآن هو أكبر من كل كلماتي، ومع ذلك ما زلت في انتظار الإجابة، على أمل.
نقلًا عن "الشرق الأوسط"

arrow up