رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

الألة و تسلل القيم !؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

نعم إن تنمية المجتمع وتحديثـه تعني مكننة وسائل الحياة، في العمل والإنتاج والخدمات والاستهلاك، ما يجعل الحياة أسهل، وعلى نحو أدق يوفر زمنا وجهدا وطاقة يمكن توجيهها وتوظيفها واستثمارها في مجالات أخرى. كل هذا صحيح.. ولكن ما هو صحيح أيضا - وبنفـس الدرجـة - أن عمليات التحديـث والتطـوير الشـاملة هذه لها مردود حتمي ينعكس - مهما تحرينا الحذر، ومهما اتخذنا من تحوطات - علي المجتمع وعلى الفرد. وأن هذا المردود الذي هو أقرب ما يكون إلى رد الفعل الشرطي عند «بافلوف» في علم السلوك الحيواني، قلما يستطاع السيطرة عليه، كما أنه ليس إيجابيا في كل الأحوال. بمعنى أن مردود التحديث الاجتماعي ليس بالضرورة وبالحتم هو إيجابيا. بل العكس هو الصحيح في الأغلب، إذ يتغلب الأثر والتأثير السلبي على صعيد تماسك المجتمع واستقراره. وهذا باب كبير، لا ينبغي فتحه الآن، فلا الوقت ولا الحيز يسمحان بتفصيله على النحو اللائق. إذ إن استيراد الآلة، أو الجهاز الجديد ليؤدي وظيفة للفرد أو الأسرة أو المجتمع، لا تأتي الآلة من منشئها هناك لتستقر بين الناس هنا وحدها، بل تأتي ومعها مجموعة من القيم الفردية والاجتماعية التي وقفت خلف صناعتها وابتكارها. بمعنى: أن الآلات هي أيضا ناقلة للقيم والعادات. وحال استقرارها في المجتمع فإنها تأخذ في التأثير في نمطه الحياتي، وتتسلل القيم الخاصة بها إلى مفاصل المجتمع، من خلال العادات التي تبدأ في ترسيخها. حين يقال لك إن هذه الغسـالة الآلية تتميز بكذا وكذا، فإنهم لا يقولون كيف ستؤثر في قيم العمل عندك، ولا ما هو دورها أو تأثيرها في دور الزوجة ووظيفتها التي ستتأثر بلا شـك بفائض زمن وجهد. وهذا ينطبق على كل شيء آخر: التلفزيون المرئي، وشاشـة الكمبيوتر والإنترنت التي تجعلك تقيم علاقات حميمة مع غرباء، والوجبات الجاهزة العالمية بماركاتها المعروفة.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up