رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

الذي «يبدل ولده بجنّي»

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

منذ بداية ما يسمى زوراً وبهتاناً بـ«الربيع العربي»، كنت ضده على طول الخط، في حين أن الكثير ممن أواجههم كانوا ينزعجون ويسخرون من موقفي، وكنت أقول للواحد منهم «اِرضَ بقريدك لا يجيك أقرد منه»، وفعلاً أتى الأسوأ، وأصبح حالنا كمثل الذي يستبدل «ولده بجنّي». وبعد أن طال «العبث» من سنة إلى أخرى، أخذ بعضهم يأتون بالأعذار ضاربين المثل بالثورة الفرنسية وكيف أنها استمرت أعواماً عدّة إلى أن أتت أكلها، وكنت أيضاً أقول للواحد منهم: «موت يا حمار إلى أن يأتيك الربيع». والمضحك المؤلم، أن من أسبغوا ذلك الاسم على تلك الحركات التي حصلت في تونس، ومصر، وليبيا، وسوريا واليمن، إنما استمدوا ذلك المسمّى من «ربيع براغ»، بقيادة دوبتشيك في يناير (كانون الثاني) 1968، واجتاحت الدبابات السوفياتية براغ في أغسطس (آب)، وأجهضت تلك الانتفاضة السلمية المطالبة بحرية الصحافة، وحرية التنقل، ولا مركزية الاقتصاد، ولم يقتل وقتها سوى رجل واحد. أما ما حصل في «الخريف العربي»، فقد وثّقه بيان «القمة العالمية للحكومات» الذي انعقد في إمارة دبي، وحضره أكثر من أربعة آلاف شخصية إقليمية وعربية، وأكدوا الحقائق والوقائع التالية، التي تجعل من كان له ضمير وعقل أن يضرب رأسه بالحائط حتى يسيل دمه، ولكي لا أطيل عليكم وباختصار، جاء فيه: إنه منذ بداية الربيع المزعوم – أي منذ 2011 حتى 2017 – بلغت الخسائر البشرية 4.1 مليون بين قتيل وجريح، وتهديم عشرات المدن والقرى. وبلغت خسائر ذلك الربيع 834 مليار دولار، وتشريد 14 مليون عربي. وعلى الرغم من أن العالم العربي يمثل خمسة في المائة من سكان العالم، فهو يعاني من 54 في المائة من الهجمات الإرهابية، وما «داعش» إلاّ مولودة غير شرعية خرجت من رحم ذلك الربيع. أما عن الفساد فحدث ولا حرج، فخمس دول عربية تدخل في قائمة الدول العشر الأكثر فساداً في العالم، وفاقم ذلك الفساد «الربيع» ما غيره، إلى درجة أنهم قدّروا كلفة الفساد بما يعادل تريليون دولار – ولا يزال الحبل على الجرار. ولكي أمتعكم أكثر، اعلموا يا سادتي أن 75 في المائة من لاجئي العالم هم عرب، و68 في المائة من وفيات الحروب عالمياً هم عرب. وأختم بما يشرح صدوركم أكثر إلى درجة تشقيق الثياب والقمصان من على صدوركم: هل تعلمون أن 57 مليون عربي لا يعرفون القراءة والكتابة، وأكثر من خمسة ملايين طفل عربي لم يلتحقوا بالمدارس أساساً؟! لا أريد أن أسترسل بالمزيد؛ لأن كبدي فعلاً قد حامت، وبدأت العي.
نقلا عن الشرق الأوسط

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up