رئيس التحرير : مشعل العريفي
 فهد الأحمري
فهد الأحمري

الزيارة المحمدية للديار الأميركية

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة الأميركية، هي الحدث الأهم على مستوى العالم هذه الأيام. رغم أنني لا أجيد غير الإنجليزية في اللغات الأجنبية، إلا أنني تصفّحت بعض الصحف العالمية غير الناطقة بالإنجليزية، لأشاهد صور ولي العهد تتصدر تلك الصحف الأوروبية منها والآسيوية، وأحاول الاستعانة بالمترجم الإلكتروني للّغات: كالفرنسي والإسباني والألماني والتركي والياباني، وأجد الاهتمام البارز بالزيارة، من ناحية التغطية والتحاليل، فضلا عن الصحف التي تتحدث الإنجليزية. يناقش ولي العهد مع الرئيس ترمب وفريق عمله الجانبين: السياسي والاقتصادي، إلا أن الأخير هو الأهم من وجهة نظري. في الجانب السياسي، تُعد قضيتَيْ إيران واليمن هما الأهم، بينما الأزمة الخليجية قد لا يتطرق إليها ولي العهد إلا في نطاق محدود جدا، خلال المؤتمرات الصحفية، ليس إلا. سيستخدم ولي العهد وفريقه الاقتصادي المهارات العالية والأسلوب الاحترافي لإقناع الشركات وعمالقة المستثمرين الأميركان، لتجديد دعوتهم إلى الاستثمار في السوق السعودي، وشرح فرص العمل الهائلة، لا سيما بعد استحداث المشاريع الكبيرة في البحر الأحمر ومنطقة نيوم، وغيرهما، فضلا عن تهيئة الأجواء الاقتصادية في المملكة خلال التغييرات الحديثة في السعودية الجديدة. لا شك أن موضوع فندق الريتز كارلتون كان له الأثر الكبير على المستوى الدولي، ونظرة المستثمر الأجنبي إلى هذا الحدث كان هو الشغل الشاغل لكثير منهم. هذا الأمر لن يغفل عنه الأمير وفريق عمله الكبير، لإقناع رجال الأعمال الأميركان بأن ما تم من إجراء هو لخدمة الاستثمار في المملكة العربية السعودية، ولصيانة حقوق المستثمر في العمل بسلام ونزاهة في السوق السعودي. إن ضرب الدولة بيد من حديد على الفساد المالي والإداري، كفيل بأن يبعد عن رأس المال الأجنبي شبح تسلط هوامير البلد على مفاصل التجارة والعمل والأنظمة، وهو ما يشغل صاحب العمل صغيرا كان أو كبيرا. في سنوات مضت، راودتني وصديقي أحمد فكرة الاستثمار العقاري البسيط في بلد آسيوي. كانت العملية على وشك التنفيذ بعد دراسة متأنية خلال زيارات متعددة إلى ذلك البلد، والاتفاق النهائي مع أصحاب العقار، إلا أنه سطعت فكرة استشارة السفارة السعودية هناك. حين التقيت المسؤول السعودي وشرحت له المشروع، قال لي كلاما جعلني أقف لأقول له وللبلد: شكرا ومع السلامة. لم يستعرض محدثي كلاما طويلا عريضا، بل قال لي بالحرف الواحد: هذا المبنى -يقصد السفارة السعودية- والذي يُعد ملكا للرياض، نازعنا عليه اثنان من الهوامير هنا، حتى كادا إخراجنا منه بتسلطهم وتمكنهم من مفاصل البلد، إلا أننا كسبنا القضية بجهد جهيد. الفساد مزعج لمستثمر صغير، فما بالك بأصحاب المليارات. في الجانب الاقتصادي، نجحت الإصلاحات السعودية المرحلية في نزع رداء الماضي، وجذب الحماسة الدولية، ومنها الأميركية على وجه الخصوص، للعمل مع السعودية على الصعيد الاقتصادي وغيره. لقد حققت تلك الإصلاحات المحلية الشجاعة تقدما هائلا في قضايا، أهمها: ضراوة الحرب على التشدد والتطرف أكثر مما سبق، والتأكيد على عودة السعودية إلى الإسلام المعتدل الوسطي، الأمر الذي سيكون محل تقدير وثناء الأنظمة والمجتمعات الدولية، ومن ذلك النظام والمجتمع الاقتصادي الأميركي. هذا الثناء والتقدير الدولي، هو جزء يسير من ثناء المجتمع السعودي الذي يبارك الإجراء، ويرى أن الطلاق البائن لمظاهر التشدد، إنما هو خدمة مقدمة له قبل غيره، بعد أن ذاق ويلات التّزمت الصحوي الذي غسل أدمغة الناشئة، ونشر الرعب والتفجير والقتل في الأوساط السعودية، فضلا عن تعطيل التنمية في البلد. الإصلاح السعودي الحالي، فتح المجتمع المحلي المحافظ على روح العصر ومعانقة الحركة التنويرية، وتخفيف نفوذ الأفكار الدينية المتشددة، البعيدة عن روح الدين الإسلامي العظيم المتسامح. سعودية المستقبل لها خارطة حديثة تتضمن، جذب الاستثمارات الأجنبية -الأميركية منها على وجه الخصوص- وتنويع الاقتصاد الوطني، والابتعاد عن النفط في إطار خطة التحول الاقتصادي، والتي تتضمن طرح جزء من عملاق النفط السعودي «أرامكو» للاكتتاب العام، والذي يُعد أحد محاور جولة ولي العهد السعودي في أميركا. السعودية وهي تعيد بنيتها الاجتماعية والاقتصادية، تُقدم نفسها للعواصم الدولية خلال جولة ولي العهد السعودي، لتأكيد دورها الدولي والإقليمي كقائدة كبرى للعالم الإسلامي، وحامية لنفسها ولعرينها العربي من الأطماع الفارسية والتنظيمات الإرهابية، وعملائهما في كل مكان.
نقلا عن الوطن

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up